في يده, فلا تنشأ طبقات بعضها في الثرى والأخرى في الثريا, كما هو حال الدول القائمة على النظم الوضعية الشَّرِهَة إلى المال؛ حيث يستعبد بعضهم بعضًا, وتنشأ بينهم أحقاد وحسد لا يعلم مداه إلّا الله؛ لشعور الفقراء بالإحباط التامّ واستعلاء الأغيناء عليهم, ويأسهم من الاستفادة مما في أيدي الأغنياء مهما كانت قلته, وهذه النزعة لا توجد في النظام الإسلامي للزكاة؛ إذ يشعر الفقير أنه سيصيب من مال الغني بأي طريقة كانت, وكأنه مشارك له, فتهدأ نفسه, وبالتالي لا ينظر إلى صاحب المال بأنّه عدو شرس مستكبر عليه, وإنما هو تفاوت لحكمة من الله تعالى, فتقرَّ نفسه, ويجد في قلبه حنانًا وشفقة تجاه أخيه صاحب المال, خصوصًا مع الإيمان والرضى بالقدر, فلا تجد إلّا القليل من يفكر في السرقة أو الغصب أو النهب؛ إذ ما دام ذلك المال سيأتيه جزء منه مع محافظته على سمعته واحترامه ودينه, فلا يجد ضرورة للتفكير السيء إلّا من طُبِعَ عليه الشر وهم قليلون بالنسبة لغيرهم, وإذا أردت الدليل فتأمَّل حال الدول الكافرة وما يحدث فيها من السرقات والنهب والغصب على مدار الساعة.

وفي الزكاة كذلك تقوية خزينة الدولة الإسلامية وتنوع نفقاتها على المستحقين، وعلى تأليف قلوب الكثير من الناس, وقد ضمن الله الزيادة لمن أدّاها على وجهها الشرعي, وهي فوق ذلك كله نوع من أنواع العبادة التي تدلّ على صدق القائم بها, وعلى رغبته فيما عند الله؛ إذ لو شاء أن يحتال للانفلات من إخراجها لأمكنه ذلك بأية حيلة من الحيل التي يفعلها الكثير ممن ضعفت في قلبه مراقبة الله تعالى.

وتخرج الزكاة لمن ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: {إِنَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015