وكان لهم منارًا في خصم ... وكان حيًّا أغاث الظامئينا1

وفي ديوانه الأخير "نفحات الجنوب"2 قصيدة أيها الإنسان يقول3:

أيها الإنسان في كل مكان ... يا أخي قلبًا ولبًّا وكيان

حبك الأوطان لا يعميك عن ... حبك الإنسان في أي لسان

اجعل الحب شعارًا ثابتًا ... وانتزع عنك طباع الحيوان

وليفض قلبك خيرًا ولتفض ... بالندى من ساعديك الراحتان

وتكلم بلسان هادئ في الخلاف ... ات ودع عنك الحران

شابت الأرض وما زلت فتى ... أرعنا تفرض رأيًا بالسنان

حطم المدفع لا تحمله ثم حا ... ورنى بفكر وبيان

ولتكن مفتاح خير وهدى ... ولتكن مغلاق شر ودخان

نحن إن فكرت شيء واحد ... نحن إنسانان أنا توأمان

ما الذي تطلب مني إننا ... إن تأملت كلانا فانيان

فاملأ الأرض سلامًا ورضى ... علنا نحيا عليها في أمان

سوف تطوينا غدًا أحشاؤها ... يستوي رب العصا والصولجان

في هذه القصيدة يناجي السنوسي الشاعر الإنسان، مهما اختلفت أجناسه في جميع أنحاء العالم، ليعشق السلام، وينشر رايته، ويعيش في ظله، ويمتلئ قلبه بالحب لأخيه الإنسان؛ ليكون الشعار الدائم لكل إنسان الذي يؤثره أي فرد عن حب الأنانية في الأوطان؛ لأن الوحشية والكره والحقد والعداوة ليست من طبيعة الإنسان، ولكنها في تكوين الحيوان، ولنكسر السلاح، ونحطم المدافع، وندفه الأحقاد والشرور، ونبدد دخان الحروب، لنفتح الصدور للحوار الفكري، والرأي السديد بلغة صريحة، وأسلوب واضح مكشوف، فهو السبيل إلى الحب والسلام، ودونه الحرب الزؤام، فتفيض الأرض سلامًا ووئاما، وتزدهر حبًّا وأمانًا؛ لأنها في الغد القريب ستطوي العالم في أحشائها، فيستوي بين جوانبها الغني والفقير، والمتكئ على عصاه، والذي يضرب بالصولجان.

أدب إنساني عالمي استمد السنوسي إنسانيته العالمية من رسالة الإسلام العالمية، التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015