نقيض النعش؛ لأن النعش يحمل الميت إلى مقرّه وتشيعه الأحزان، بينما السرور لا مكان له في هذا الجو الحزين، الذي يخيم عليه الشرور والسموم والأحزان والنعوش، ولعل الحاجة إلى القافية هي التي اضطرت الشاعر إلى حشو كلمة "السرور".

ولا يشفع الشاعر أن يقبل قول من يقول: بأن هذا التصوير رمزي من باب تبادل الحواس، فيقولون: يرى بأذنه، ويسمع بعينيه؛ لأننا لا نجد في مذهب الشاعر خيطًا رفيعًا من الرمزية، فليس رمزيًّا، بل هو واضح في تصويره الأدبي كما رأينا، أمَّا عناصر التصوير الأدبي في شعره فقد غنيت صوره بها من حركة ولون وطعم ورائحة وحجم وشكل، فالبيت السابق يحمل هذه العناصر: فترى اللون القاتم في الشرور والسموم والنعوش، وترى الحركة السريعة والمتجددة في الفعل المضارع ستمضي، لما يدل عليه من الحدوث والاستمرار والتجدد، وتتذوق طعم الشر، وتشم رائحة السم، وحجم الشر بمقدار سموم الحياة، وتجسيد الشرور في شكل النعوش، وهكذا فالشاعر له قدرة عجيبة على مزج عناصر الصورة بروافدها، كما رأيت في صورة متناقضة في جزء منها، فما بالك لو رجعت معي إلى الصورة البديعة التي سبقت وهي كثيرة وكثيرة.

لهذا الإبداع الشعري في التصوير الأدبي كان لا بد أن نضع فنه في ميزان النقد، لنرى رأي الشاعر والناقد في شعر العسيري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015