صرف ذلك في الحج، ومن لم يكن له مال فبذل له ولده أو غيره مالاً يحج به؛ لم يلزمه قبوله، وإن بذل له أن يحج عنه أو يحمله؛ لم يلزمه قبوله؛ لأن عليه فيه منة ومشقة فلم يلزمه قبوله كما لو كان الباذل أجنبياً.

فصل:

فأما المكي ومن بينه وبين مكة دون مسافة القصر فلا يشترط في حقه راحلة، ومتى قدر على الحج ماشياً لزمه؛ لأنه يمكنه ذلك من غير مشقة شديدة، وإن عجز عن المشي وأمكنه الحبو لم يلزمه؛ لأن مشقته في المسافة القريبة أكثر من السير في المسافة البعيدة.

فصل:

واختلفت الرواية في ثلاثة أشياء. وهي إمكان المسير، وهو أن تكمل الشرائط فيه، وفي الوقت سعة يتمكن من السير لأدائه. وتخلية الطريق وهو أن لا يكون في الطريق مانع من خوف ولا غيره. والمحرم للمرأة، فروي أنها من شرائط الوجوب لا يجب الحج بدونها؛ لأنه لا يستطاع فعله بدونها، فكانت شرطاً للوجوب كالزاد والراحلة.

وعنه: أنها شروط للزوم الأداء دون الوجوب؛ لأنها أعذار تمنع نفس الأداء فقط، فلم تمنع الوجوب كالمرض، وإذا قلنا: هي من شرائط الوجوب فمات قبل تحققها، فلا شيء عليه كالفقير، وإن قلنا: هي من شرائط لزوم السعي فاجتمعت فيه الشرائط الخمس، حج عنه كالمريض. وإمكان السير معتبر بما جرت به العادة، فلو أمكنه السير بأن يحمل على نفسه ما لم تجر به عادة لم يلزمه؛ لأن فيه مشقة وتعزيراً.

وتخلية الطريق عبارة عن عدم الموانع فيها، بعيدة كانت أو قريبة، براً أو بحراً الغالب السلامة فيه، فإن لم يكن الغالب السلامة لم يلزمه، كالبر إذا كان فيه مانع، فإن كان الطريق آمناً لكنه يحتاج إلى خفارة كثيرة لم يلزمه الأداء؛ لأنه كالزيادة على ثمن المثل في شراء الزاد، فإن كانت يسيرة؟.

فقال ابن حامد: يلزمه لأنها غرامة ممكنة، يقف الحج على بذلها فلزمته كثمن الزاد.

وقال القاضي: لا يلزمه؛ لأنها رشوة في الواجب فلم تلزمه، كسائر الواجبات.

فصل:

فأما السلامة وكونه على حال يمكنه الثبوت على الراحلة فهو شرط للزوم الأداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015