ان ارتقاء الإنسان الحيواني إلى درجة كائن مفكر شاعر بوجوده، هو خطوة اعظم من ان تتم عن طريق التطور المادي، ودون قصد ابتداعي.

واذا قبلت واقعية القصد، فان الإنسان بوصفه هذا قد يكون جهازاً. ولكن ما الذي يدير هذا الجهاز؟ لانه بدون اي يدار، لا فائدة منه. والعلم لا يعلل من يتولى ادارته، وكذلك لا يزعم انه مادي.

لقد بلغنا من التقدم درجة تكفي لانه نوقن بان الله قد منح الإنسان قبسا من نوره. ولايزال الإنسان في طور طفولته من وجهة الخلق، وقد بدأ يشعر بوجود ما يسميه (بالروح) . وهو يرقي في بطء ليدرك هذه الهبة، ويشعر بغريزته بانها خالدة.

واذا صح هذا التعليل – ويبدو ان المنطق الذي يسنده لايمكن دحضه – فان هذه الكرة الارضية الصغيرة التي لنا، وربما غيرها كذلك، تكسب اهمية لم يحلم بها أحد من قبل. فعلى قدر ما نعلم، قد تولد عن عالمنا الصغير هذه اول جهاز مادي اضيف اليه قبس من نوره الله. وهذا يرفع الإنسان من مرتبة الغريزة الحيوانية إلى درجة القدرة على التفكير، التي لا يمكنه بها الآن ان يدرك عظمة الكون في اشتباكاته، ويشعر شعوراً غامضا بعظمة الله ماثلة في خلقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015