واذا نظرنا إلى حجم الكرة الارضية، ومكانها في الفضاء وبراعة التنظيمات، فان فرصة حصول بعض هذه التنظيمات مصادفة هي بنسبة واحد إلى مليون، وفرصة حدوثها كلها معا، لا يمكن حسبانها حتى بالنسبة للبلايين. وعلى ذلك فان وجود هذه الحقائق لا يمكن التوفيق بينه وبين اي قانون من قوانين المصادفة. فمن المحال اذن ان نهرب من القول بان مطابقات الطبيعة حتى توائم الإنسان هي اعجب كثيرا من مطابقات الإنسان ليلائم الطبيعة. وان استعراض عجائب الطبيعة ليدل دلالة قاطعة على ان هناك تصميما وقصدا في كل شيء، وان ثمة برنامجنا ينفذ بحذافيره طبقا لمشيئة الخالق جل وعز. وربما استطاع الإنسان ان يرى في هذا البرنامج سلسلة من الحوادث في تطور الكائنات الحية حتى انتهت إلى منح حيوان حياة، وتطوره إلى الإنسان ويبدو ان الإنسان كان في جميع العصور تحت العناية الربانية لنعتقد ايضا انه حت ارشاد رباني. وقد تطور البرنامج إلى بيئات قادرة على الاحتفاظ بمخلوق جسدي اهل لان يحمل ذهنا صالحاً.

ومادامت عقولنا محدودة، فاننا لانقدر ان ندرك ما هو غير محدود. وعلى ذلك لانقدر إلا ان نؤمن بوجو الخالق المدبر، الذي خلق كل الاشياء، بما فيها تكوين الذرات والكواكب والشمس والدم (جمع سديم) . والزمن والفضاء هما عنصران في هذا الادراك. وان محاولة معرفة حقيقة الخالق لتحير اذكى الاذكياء. كذلك لا يمكننا ان نحسب ان الإنسان هو الغرض الوحيد أو النهائي، ولكنا يمكننا ان ننظر إلى الإنسان على انه اعجب مظهر لذلك الغرض. على أننا لسنا مضطرين لان نفهم ذلك كله حتى نتقدم كثيرا، وان زيادة العلم لتشير إلى هذه النهاية.

اننا نقترب فعلا من عالم المجهول الشاسع، إذ ندرك ان المادة كلها قد اصبحت من الوجهة العلمية مجرد مظهر لوحدة عالمية هي في جوهرها كهربية. ولكن مما لا ريب فيه ان المصادفة لم يكن لها دخل في تكوين الكون، لان هذا العالم العظيم خاضع للقانون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015