ويمكنه كذلك ان يحلق به إلى نجم قصي حتى ليكاد يسمعك تصادم العناصر الطائرة، أو يكاد يشعرك بفيض الضوء والحرارة وهو مسرع إلى الكرة الارضية ليدفئها ويجيئها بالحياة، وليرى ساكنيها صورة بديعة للهلال وهو يضيء من خلال خضرة غابة معتمة.

ويستطيع ان يصور لذهنك، لا ما يحيط بك فحسب، بل كذلك الصورة التي تتخيلها لزوجتك وأطفالك في تلك اللحظة. وهنا يخذلك التصور، إذ ينتابه النقص، وتكون الصورة الحقيقية غير تلك التي تخيلتها..

ان قوة التصور هذه هي للطفل مصدر سعادة. فهو يستخدمها في لعبة كما يحلو له. وما عليك إلا ان تطلع على ما يعتقده الاطفال في أنفسهم حين اللعب معا: ان الغلام الذي يحمل على كتفه بندقية من الخشب، قد يعتقد انه جندي بالفعل.

والتعليم والتجربة والبيئة والمهارة، كل اولاء قد تحيل الخيال الرائع إلى قطعة فنية، سواء أكانت رواية تمثيلية ام قطعة موسيقية من نوع السيمفوني، ام لوحة رسم ام جهازا دقيقا. والأفكار انما هي بنات التصور، فهي اذن اسس العبقرية. واعظم نتاج العقل البشري – مثل الاختراعات والآلات الميكانيكية والرياضة العليا – انما هي التحقيق النهائي لآراء انبعثت عن التصور.

غير ان التصور يلقى دائما عوائق من البيئة المادية، فهو لذلك لا يبلغ إلا درجة قريبة من الصواب، حتى تحققه الملاحظة أو التجربة أو الاستكشاف. ولكن في عقولنا المادية نفسها، لا يقيم التصور اعتبارا لفكرة الزمن أو المسافة. فهو يصل توا إلى مقصده، سواء أكان نجما ام طلفك!

ولا تدحة لنا من ان نستنتج في النهاية، ان قوة التصور هي جد قريبة من القوة الروحانية. فاذا كان هناك خلود للروح، فهناك ايضا خلود للتصور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015