والحياة تهب الضوء البارد (للذباب المنير) ليعاونه على بث غرامه ليلا.. وكيميا الحياة فائقة، لانها لا تقنع باستخدام اشعة الشمس لتحويل الماء وحامض الكربون إلى خشب وسكر، بل انها إذ تفعل ذلك تطلق الأوكسجين كي تتقسم الحيوانات نسيم الحياة.

والحياة مؤرخة، فقد كتبت تاريخها صفحة صفحة، تاركة سجلها في الصخور، وهو تاريخ كتبته بنفسها ولا ينتظر إلا الترجمة.

والحياة تمنح مخلوقاتها الفرح لكونها حية، فالحمل يرتع ويقفز، وهو لا يدري لماذا.

والحياة تلون عيني الطفل وتمنحها بريقا، وتصبغ خديه، وتبعث بالضحك إلى شفتيه. اما المادة فلا تبتسم ابداً.

والحياة تقي مخلوقاتها بوفرة الغذاء في البيض، وتعد كثيرا من صغارها للحياة الناشطة بعد الميلاد، أو انها تخزن الغذاء تأهبا لصغارها بوحي أمومة لا شعورية.

والحياة تنتج الحياة، إذ تعطى اللبن لسد الحاجات العاجلة، متوقعة هذه الضرورة، ومتأهبة لما يجيء من حوادث.

والحياة قد جاءت للعالم بحب الأم لولدها، وجاءت للإنسان بالمثوى والاسرة، وبحب الوطن الذي ينافح عنه حتى الموت.

والحياة تحمي نفسها: بالحيطة في استخدام الالوان لمساعدة مخلوقاتها أو اخفائهم، وباعداد الساقين الجري، ومنح الاسلحة للدفاع، من القرون والاشداق والمخالب، وكذا السمع والبصر والشم، والاجنحة للتحليق في الجو، وهكذا تزود الحياة للدفاع والهجوم: وهي تهب قناعا خفيا ليعض الحشرات التي لا يحدث منها أي أذى، لكي تقيها كل هجوم.

اما المادة فانها لم تفعل قط أكثر مما تمليه قوانينها. فالذرات إنما تطيع قواعد الالفة الكيموية وقوة الجاذبية وتاثيرات درجة الحرارة، والدوافع الكهربية.

والمادة ليست مبتكرة، اما الحياة فانها تاتي إلى الوجود بتصميمات وتكوينات جديدة، رائعة.

وبدون الحياة كان سطح الأرض يصير صحراء شاسعة مجدبة، وفضاء من ماء غير نافع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015