ولما ظهر داروين، طرقت فكر الإنسان نظرية جديدة، هي (بقاء الاصلح) وتطور الانسان. وكانت دراسة داروين الشاملة، والحقائق الكثيرة التي استشهد بها لتاييد نظريته تحمل الاقناع في طياتها. وكانت البراهين التي كدسها والحقائق التي جاء بها خلفاؤه، مؤيدة لنظرية التطور حتى اليوم، وقد وصلت بها إلى أبعد من تطبيقاته.

والان انقضى أكثر من ثمانين عاما على نظرية داروين، وتقدم العلم تقدما كبيرا، وبينما تقف نظرية داروين كالصخرة الثابتة التي لا تتزحزح، قد تكشف العالم الفلسفة كثير من الحقائق التي يمكن ايضاحها، والتي تصل بنا إلى نتائج حاسمة أخرى في حيز الامكان.

فعلم الوراثة الحديث يقيم اسئلة تصعب الاجابة عنها، والاكتشافات الأخرى تجعل من عمل داروين مجرد خطوة عظيمة في سير الفكرة الفلسفية إلى الامام. ودون انقاص من دقة استنتاجاته أو عظمة دراساته، لا يقدر الآن أحد ان يقول كما قال هيكل Hصلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلمCKصلى الله عليه وسلمL انه لو اعطى ماء، ومواد كيموية، ووقتا كافيا، لاستطاع ان يخلق انساناً.

وقد وصل بعض اتباع داروين باستدلالاته إلى حد الالحاد المادي، وحيال ذلك، تطرف الاخرون، اولئك الذين الهموا الايمان بوجود (الخالق) وان هناك غاية في جميع المخلوقات، فانكروا نظرية التطور. كفاحهم للالحاد. والان لا محل لاتخاذ مثل هذا الموقف الضعيف، سواء لانصار فكرة التطور، أو لذوي العقلية الدينية، لان العلم قد اوضح الآن حقائق تصل إلى ازالة تلك الخلافات الظاهرية، وتنور الفريقين.

ومن عجب ان الاكتشافات الحديثة، وفرص البحث المتسع، قد بعثت النتائج التي وصل اليها الفلاسفة الطبيعيون والتي قد كانت قد حجبتها تماما نظريات داروين، والحجج السليمة التي بنيت تنظيم الإنسان للطبيعة، يجب ان تتابع الآن ببحث جديد في دلائل تنظيم الطبيعة للانسان، وهو ما أغفل نسبيا من خلال الثمانين السنة الماضية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015