اللَّهم أنتم من أحب الناس إلي ..

اللَّهم أنتم من أحب الناس إلي" (?).

إن بهجة النساء والأطفال والسامعين بما قاله - صلى الله عليه وسلم - تفوق بهجتهم بذلك العرس وأفراحه .. وإنهم والله ليستحقون هذا الحب، فالذي فعلوه لم يفعله أحد قبلهم .. ولم يفعله أحد بعدهم .. لقد تمادى حب الأنصار وتجاوز الكرم .. لقد تمادوا إلى حد (اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين) (?) .. تألق الأنصار فأوقفوا شمس التاريخ ونقشوا عليها .. ثم تركوها تنطلق للأجيال .. أوقفوا شمس التاريخ عندما توجهوا إليه - صلى الله عليه وسلم - بقلوب كالسحاب فأمطروه بقولهم: (اقسم بيننا وبينهم النخل) (?) لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بالانتهازي .. ولا يحب لصحابته أن يكونوا كذلك .. كان - صلى الله عليه وسلم - يربي الأمة ويلهم الأجيال .. كان يريد أمة حية تنبض بالحركة والمسير إلى لا حدود .. أدرك الأنصار ذلك فـ (قالوا: يكفوننا المئونة ويشركوننا في الثمر .. قالوا: سمعنا وأطعنا) (?).

وبدأ المهاجرون بالعمل .. وهوت سواعدهم كالحديد تشق الأرض .. تحرثها وتقطف .. وبدأ المهاجرون والأنصار صفًا واحدًا .. صفًا يشكل ملامح الدولة الجديدة .. دولة تنهض نحو السماء بعد أن تشعبت جذورها في القلوب وفي المدينة .. الجميع يبتهجون بذلك .. الجميع إلا قلوبًا يحرقها ما يحدث حولها فهي حانقة دائمًا ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015