وأما أن دعوى الإجماع تحتاج إلى دليل قاطع، فمثال ذلك ما ذكره ابن المنذر من الإجماع على أن دية المرأة نصف دية الرجل وقد اشتهر هذا في كتب الفقه وبالبحث تبين أنهم يسندون ذلك إلى صحيفة عمرو بن حزم حيث أن بها هذا الحكم مرفوعًا إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتبين أن هذا الحكم ليس في صلب الحديث النبوي بل ورد في حديث معاذ بن جبل وإسناده غير ثابت (?).

لهذا لم يثبت أي إجماع إلا إجماع الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - حيث ثبت إجماعهم في الأحكام الشرعية بالتواتر ولذلك لم يختلف أحد في إجماعهم حتى نفاة الإجماع لا ينازعون في إجماع الصحابة على حكم شرعي لأن إجماع الصحابة له سند، فإجماعهم على ميراث الجدة إلى خبر المغيرة بن شعبة، وإجماعهم على تحريم الجمع بين المحارم استند إلى ما رواه أبو هريرة (?) وإجماعهم على تحريم الجدات مع أنهن غير الأمهات هو الاستناد إلى قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]، لأن المراد تحريم الأصول، وإجماعهم على رأي عمر في عدم تقسيم الأراضي المفتوحة، استند إلى فعل النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عدم تقسيم أرض مكة قد فتحت عنوة على ما هو الأصح، وعدم تقسيم أرض بني قريظة وبني النضير وغيرها من دور العرب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015