يا للعجب كيف تنخدع أحياناً بشيء وتنوه به دون تحقق معرفة حاله. ومتى يستقر ببالهم وجوده على حال من الأحوال يعد تغيير وهمهم عنه محالاً. حتى أن تغيير الوهم من الخاطر يكون أصعب من تغيير القين. لأن من تيقّن شيئاً فإنما يتيقنه عن علم ومن طبع العالم أن ينظر دائماً في الحقائق وأضدادها ولا يزال باحثاً عن الصحيح والأصح. فأما الوهم فلا يدخل إلا رأس الجاهل. ومتى دخل فلا يكاد يخرج منه مثال ذلك وهم الناس أن مدينة باريس هي أجمل مدينة في الدنيا. مع أني رأيت فيها من العيوب ما لم أره في غيرها. أنظر إلى طرقها وإلى ما يجري فيها من الدم والنجاسة ومن المياه المتنوعة الألوان. فمن بين أخضر كماء الطحلب واصفر كماء الكركم واسود كماء الفحم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015