الزهره (صفحة 205)

رويدَ بني شيبانِ بعضَ وعيدكم ... تُلاقوا غداً خيلي علَى سَفَوانِ

تُلاقوا جياداً لا تحيدُ عن الوغى ... إذا الخيل جالت في القنا المتداني

تلاقوا جياداً تعرفوا كيف صبركم ... علَى ما جنت فيكم يدُ الحدثانِ

مقاديم وصَّالون في الرّوع خطوهُم ... بكل رقيق الشَّفرتين يمانِ

إذا استُنجدوا لم يسألوا من دعاهُمُ ... لأيَّةِ حربِ أم بأي مكانِ

قال أبو علي البصير:

لعمرُ أبيكَ ما نُسبَ المُعَلَّى ... إلى كرمٍ وفي الدُّنيا كريمُ

ولكنَّ البلادَ إذا اقشعرَّتْ ... وصوَّحَ نبتُها رُعي الهشيمُ

وفي نحو ذلك:

خلت الديارُ فسدتُ غير مُسوّدِ ... ومن الشقاءِ تفردي بالسؤدد

قال الأخطل لشقيق بن ثور:

وما جذْعُ سوءٍ خرَّق السوس جوفه ... لما حمَّلتهُ وائلٌ بمُطيقِ

فقال شقيق: يا أبا مالك ما تُحسنْ أن تهجو، ولا تمدح. أردت أن تهجوني فمدحتني، وزدتني ما لم أطمع فيه من بني تغلب خاصة فجعلت وائل كلها.

قال مفروق بن عمرو الشيباني:

ولرُبَّ أبطال لقيت بمثلهم ... فسقيتُهم كأسَ الرَّدى وسُقيتُ

فلأطلبنَّ المجد غيرَ مُقصِّرٍ ... إن متُّ متُّ وإن حييتُ حييتُ

قال زُفر بن الحارث:

وكنّا حسبنا كلّ سوداء تمرةً ... لياليَ لاقينا جُذامَ وحمْيرا

فلما قرعنا النّبع بالنّبع بعضه ... ببعضٍ أبت عيدانهُ أن تكسَّرا

سقيناهمُ كأساً سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا علَى الموت أصبرا

قال عبد الوهاب بن الصّباح:

أراك في العُسر تجزيني وفي العَدمِ ... وفي الحديث من الأيَّام والقدمِ

وقست حالك في الفقر القديم بما ... أصبحت في ظلمه من واسع النعمِ

فما رأيتك في حال تكون بها ... أدنى إلى كل خير منك في العدمِ

فلا عدمت وإن لم تهوَ منزلةً ... تدنيكَ حالتها من صالح الشيمِ

وبلغنا أن الزبرقان بن بدر استعدى عمر بن الخطاب على الحطيئة فقال: إنَّه قد هجاني. قال: وما قال لك؟ قال:

دعْ المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها ... واقعدْ فإنَّك أنت الطاعم الكاسي

فقال عمر: أما ترضى أن تكون طاعماً كاسياً؟ قال: لا والله لولا الإسلام لأنكرتني. قال: ما أعلمه هجاك، ولكن أدعو ابن القُريعة. فلما جاءه حسّان. قال له عمر: أهجاه؟ قال: لا. ولكنه سلح عليه.. فقال عمر للحطيئة: لأحبسنَّك أوْ لتكفنَّ عن إعراض المسلمين. قال أمير المؤمنين: لكل مقامٍ مقال. قال: وإنك لتهددني فحبسه. فكتب إليه من الحبس:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخٍ ... زغب الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ

ألقيتَ كاسبَهم في قعر مُظلمةٍ ... فارحم عليك سلامُ الله يا عمرُ

نفسي فداؤك كم بيني وبينهم ... من عرض داويّة يعمى لها الخبرُ

فلما قرأها عمر رقَّ له، فخلَّى سبيله. وبيت الحطيئة وإن كان غيره أشدَّ إفصاحاً بالهجاء منه فإن معه ما يوضّح عن مراد صاحبه ويزيل توهم المدح فيه وهو:

ما كان ذنب بغيضٍ أن رأى رجلاً ... ذا حاجةٍ عاش في مستوعر شاسِ

ملّوا قراه وهزَّته كلابهُم ... وجرَّحوه بأنيابٍ وأضراسِ

لما بدا لي منكم خبثُ أنفسكم ... ولم يكن لجراحي فيكم آسي

أزمعتُ يأساً مبيناً من نوالكمُ ... ولن ترى طارداً للحرِّ كالياسِ

وروي أن عمر بن الخطاب رحمه الله، أنَّه لما سمع قول النجاشي في بني العجلان:

إذا الله عادى أهل لؤمٍ ودقَّةٍ ... فعادى بني العجلان رهط ابن مقبل

قُبيَّلَةٌ لا يغدرون بذمةٍ ... ولا يظلمون النَّاس حبةَ خردل

قال: يسرني أن ابن الخطاب كذلك، فلما سمع:

ولا يردون الماء إلاَّ عشيَّةً ... إذا صدر الوراد عن كل منهل

قال: ما أحبّ كل هذه الذلة.

ومع هذين البيتين ما يوضح أنَّها هجاء صحيح غير مشبه لشيء من المديح مع البيت الأول وهو قوله:

أولئك أخوال اليتيم وأسرةُ ... الهجين ورهط الخائن المتبدلِ

تعافُ الكلابُ الضاريات لُحومَهُمْ ... ويأكُلْنَ من كلب وعوف ونهشلِ

وما سمّي العجلان إلاَّ لقولِهمْ ... خُذْ القعب واحلُبْ أيها العبدُ واعجلِ

قال رجل من بني العنبر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015