الزهره (صفحة 170)

إنَّ نفسِي كريمةٌ تألف الصَّ ... بر إذا ما تغيّرت حالاتي

لو دعتني إلى الدناة حياتي ... يا بن عيسى هانتْ عليَّ وفاتي

إنَّما تحمدُ السَّخايا من الأح ... رار عند النَّوائب المعضلاتِ

كلُّ حيٍّ يبقى علَى الصَّبر ف ... ي اليسرِ وصبر الكريم في النَّائباتِ

أنشدني بعض أهل الأدب:

لا تكثري لم أرُمْ يا ويكِ في الطَّلبِ ... أيَّ البلادِ وأيَّ الأرضِ لم أجُبِ

هذا وفيَّ خلالٌ كلُّها سببٌ ... إلى الغنِى غيرَ أنَّ الرّزقَ لم يجبِ

لا أتّهم الله في رزقي فما صرفتْ ... عنِّي المكاسبَ إلاَّ حرفةُ الأدبِ

ومن الباب الخامس والسبعين ذكر من افتخر لنفسه بالإغضاء عن خصمه.

وقال المتلمس:

تحلَّمْ عن الأدنين واستبقِ ودَّهم ... ولن تستطيعَ الحلمَ حتَّى تحلَّما

وكنَّا إذا الجبار صعَّر خدَّه ... أقمنا له من درّه فتقوَّما

فلو غير أخوالي أرادوا نقيصتي ... جعلت لهم فوق العرانين ميسما

وما كنت إلاَّ مثل قاطع كفّه ... بكفٍّ له أُخرى فأصبح أجذما

يداه أصابتْ هذه حتفَ هذه ... فلم تجدِ الأُخرى عليها مُقدَّما

فلمَّا أفاد الكفّ بالكفّ لم يجدْ ... له دركاً في أن تَبينا فأحجما

فأطرقَ إطراق الشُّجاع ولو يرَى ... مَساغاً لنابيه الشُّجاعُ فلمّما

وقال وعلة الجرمي:

ما بال من أسعى لأجبر عظمه ... حفاظاً وينوي من سَفَاهته كسرِي

أعودُ علَى ذي الجهل والذّنب منهم ... بحلمي ولو عاقبتُ غرَّقهم بحرِي

ألم تعلموا أنِّي تُخافُ غَرامتي ... وأنَّ قناتي لا تلينُ علَى الكسرِ

وقال آخر:

إن كنت لا ترهبُ ذمِّي لما ... تعرف من صفحي عن الجاهلِ

فاخش سكوتي إذْ أنا منصتٌ ... فيك لمسموعِ خنى القائلِ

فسامع السّوء مشرّبه ... ومُطعمُ الأكلةِ كالآكلِ

مقالة السّوء إلى أهلِها ... أسرعُ من مُنحدرِ السَّائلِ

ومن دعا النَّاس إلى عيبه ... ذمُّوهُ بالحقِّ وبالباطلِ

وقال:

توخَّ من الطرقِ أوساطها ... وعَدِّ عن الجانب المشتبه

وسمعكَ صُنْ عن سماعِ القبيح ... شريك لقائله فانتبه

وقال لبيد بن ربيعة:

ستذكركم منَّا نفوس وأعينٌ ... ذوارفُ لم تضننْ بدمعٍ غُروبها

وهل يَعْدُوَنْ بين الحبيب فراقه ... نعمْ ذلُّ نفسٍ أن يَبين حبيبُها

رأيتُ عذابَ الماء إن حيل دونها ... كفاك لما لا بدَّ منه شريبُها

وقال آخر:

وتجزعُ نفسُ المرءِ من شَدِّ مِرّةٍ ... فيسمع ألفاً مثلها ثمَّ يصبرُ

فلا تعْذِراني إنْ أُسيءَ فإنَّما ... شرارُ الرِّجالِ من يُسيء ثمَّ يُعذرُ

وقال ابن أوس المزني:

لعمرُكَ ما أدري وإنِّي لأوْجَلُ ... علَى أيِّنا تعدُو المنيَّةُ أوَّلُ

وإنِّي لأرجو دائم العهد لم أحُلْ ... إن أبزاك خطبٌ أوْ نبا بك منزلُ

أُحاربُ من حاربت من ذي عداوةٍ ... وأحبسُ مالي إن غرمتَ فأعقلُ

وإن سؤتني يوماً صفحتُ إلى غدٍ ... ليقبلَ يوم منك آخر مقبلُ

ستقطعُ في الدُّنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أيَّ كفَّيك تبذلُ

إذا أنت لم تُنصفْ أخاكَ وجدتَهُ ... علَى طرف الهجران إنْ كانَ يعقلُ

ويركبُ حدّ السَّيف من أن تضيمَهُ ... إذا لم يكنْ عن شفرةِ السَّيف مَعدلُ

وفي النَّاسِ إن رثت حبالُكَ واصلٌ ... وفي الأرض عن دار القلى مُتحوّلُ

إذا انصرفتْ نفسي عن الشَّيء لم يكنْ ... إليه بوجهٍ آخِرَ الدَّهر تقبلُ

أخبرني محمد بن الخطاب أن فتى من الأعراب خطب لبنت عم له وكان معسراً فأبى عمُّه أن يزوّجه فكتب إلى ابنة عمه هذه الأبيات:

يا هذه كم يكون اللّوم والفَندُ ... لا تعذلي رجلاً أثوابُهُ قِدَدُ

إن أُمسِ منفرداً فالبدرُ منفردٌ ... واللَّيث منفردٌ والسَّيف منفردُ

أوْ كنتِ أنكرتِ طِمريه وقد خَلِقا ... فالبحر من فوقه الأقذاء والزَّبَدُ

إنْ كانَ صرفُ الليالي رثَّ بزّته ... فبين ثوبيه منها ضيغم لُبَدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015