الزهره (صفحة 151)

وحمان الشَّيخ منحدر في عار ... ضيه كالمسك فاح ذكيّا

وهي في الصدر قد تساق حثيثاً ... ومن الوقت عند ذاك هويّا

ليت يومي يكون قبلك يوماً ... أنضج القلب للحرارة كيّا

خُلقاً عالياً وديناً كريماً ... وصراطاً تُهدي به مستويا

وسراجاً يهدي الظلام منيراً ... ونبيّاً مسوداً عربيّا

حازماً عازماً حليماً كريماً ... عايداً بالنوال برّاً تقيّا

إن يوماً أتى عليك ليوم ... كُدّرت شمسُه وكان جليّا

فعليك السلام منّا ومن ربك ... بالروح بُكرةً وعَشِيّا

وقال أبو سفيان بن الحارث:

أرقت فبات ليلي لا يزول ... وليل أخي المصيبة فيه طولُ

فقد عظمت مصيبته وجلت ... عشية قيل قد قُبض الرسولُ

فكلّ النَّاس منقطعين فيها ... كأن النَّاس ليس لهم حويلُ

كأن النَّاس إذْ فقدوه عُمياً ... أضر بلب حارمهم عليلُ

نبيّ كان يجلو الشك عنّا ... بما يوحى إليه وما يقولُ

ويهدينا فلا نخشى ضلالاً ... علينا والرسول لنا دليلُ

يخبرنا بظهر الغيب عما ... يكون فلا يجور ولا يحولُ

ولم ترَ مثله في النَّاس حيّا ... وليس له من الموتى عديلُ

أفاطم إن جزعت فذاك عذراً ... وإن لم تجزعي فهو السبيلُ

فعودي بالعزاء فإن فيه ... ثواب الله والفصل الجزيل

وقولي في أبيك ولا تملي ... وهل يُخزي بفعل أبيكِ قيلُ

فقبر أبيك سيد كل قبر ... وفيه سيد النَّاس الرسولُ

وقال كعب بن مالك:

ونائحةٍ حَرّى تَحرَّقُ بالبُكا ... وتلطم منها خَدَّها والمُقلّدا

علَى هالكٍ بعد النبيّ محمد ... ولو عقلت لم تبكِ إلاَّ مُحمدا

فُجِعْنا بخير النَّاس حيّاً وميّتا ... وأدناهُ من أهل السَّموات مَقْعدا

وأعظمهُ فقداً علَى كل مُسلمٍ ... وأعظَمهم في النَّاس كلهمُ يَدا

إذا كانَ منه القولَ كان موفقاً ... وإن كان حيّاً كان نوراً مُجدَدا

وقد وازنتْ أخلاقُهُ المجدَ والتُّقى ... فلن تَلْقه إلاَّ رشيداً ومُرشدا

وقال عمرو بن سالم الخزاعي:

لعمري لئن جادت دموعي بالبكا ... لمحقوقةٌ أن تستهل وتدمعا

أبا حفص إن الأمر جلّ عن البكا ... غداة نعى الناعي النبي فأسمعا

فلم أرَ يوماً كان أعظم حادثاً ... ولم أرَ يوماً كان أكثر موجعا

فوالله لا أنساك ما دمت ذاكراً ... لشيء وما قَلّبتُ كفّاً وإصبعا

إذا ذكرت نفسي فراقَ محمد ... تهيجُ حزني عند ذلك أجمعا

وقال الزبرقان بن بدر:

آليت لا آسي علَى هالك ... بعد نبيِّ الله خيرِ الأنام

بعد النبي كان لنا هادياً ... من حَيرةٍ كانت وبدرَ الظلام

يا مبلغ الأخيار عن ربّه ... فينا ويا مُحيي ليل التّمام

فاستأثر الله به إذْ وفى ... أيامه عند حضور الحِمام

وأي قوم أدركوا غبطة ... دامت لهم من آل حام وسام

وقال حسان بن ثابت:

إن الرزية لا رزية مثلها ... ميتٌ بطيبةَ مثله لم يفقدِ

فلقد أصيب جميع أمته به ... من كان مولوداً ومن لم يولدِ

والنَّاس كلهم لما قد عالهم ... ترجو شفاعته بذاك المشهد

حتَّى الخليل أبوه في أشياعه ... ونجيّه موسى النبيّ المهتدي

متواضعين لربّهم بفَعالهم ... تلك الفضيلة واجتماع السؤدد

يا خير من شدَّ المطية نحوه ... وفد لحاجته تروح وتغتدي

أنت الَّذي استنقذتَنا من حفرة ... من يهوَ فيها من قُواه يبعدِ

وهديتنا بعد الضلالة والرَّدى ... فهدى الإله إلى السبيل الرشَّد

فجزاك عنّا الله خير جزئه ... بمقام محمود المقام مسوَّدِ

وقال أمية يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهي أبيات اخترناها، وقد ذكرنا بعض القصيدة في الباب الماضي وإنّما أردنا هذه الأبيات من هذا الباب لندل على جهل من حكينا قوله في الباب الَّذي قبله:

محمداً أرسله بالهدى ... فعاش غنيّاً ولم يُهتضَمْ

عطاءٌ من الله أعطيته ... وخصَّ به الله أهلَ الحرمْ

وقد علموا أنّه خيرهم ... وفي بيتهم ذي النّدى والكرمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015