الرعيّة، وهادن العدوّ، فطمعت فيه الفرنجة بل في الأندلس، وأخذت عدّة حصون، وكان قد استعان بهم على تملّك مدائن الأندلس، وغدر به ملكهم، وأخذه رهينة حتّى أعطاه ما طلب من الحصون، وقرّر عليه مالاً كلّ سنة، وعاد ذليلاً مخذولاً وذلك بما قدّمت يداه، إلى أن توفي عام 460هـ 1 مقتولاً بيد القاضي ابن جحّاف، فخلفه القادر بن يحي في الحكم 2 الذي لجأ إلى بلاطه الفونسو السادس، وأقام فيه تسعة شهور، ولاقي الإكرام الزائد، والمجاملات الكثيرة إلى أن غادرها حاكماً للنّصارى، بعد أن ارتبط ببني ذي النون بروابط الصداقة وأعطى العهود والمواثيق.

أصبح شغل الفونسو الشاّغل الاستيلاء على هذا البلد الذي آواه وأكرمه، وكان قد درس وسائل احتلالها أثناء لجوئه، بل وتذكر بعض الروايات أنه استمع ذات يوم وهو متظاهر بالنوم إلى حديث المأمون مع وزرائه في كيفية الدفاع عن طليطلة إذا هاجمها النصارى، وقد أجاب بعضهم: أن النّصارى لا يستطيعون الاستيلاء عليها وهي المدينة الحصينة إلا إذا أنفقوا سبعة أعوام على الأقلّ في تخريب أحوازها وإنتساف قوتها 3، وتمكن الفونسو من الإطلاع على عوراتها 4. فأخذ بالإغارة على أراضيها وعاث فيها سفكاً وتخريباً، وانتسف مزارعها، بالاتفاق (ياللأسف) مع ابن عباد أمير اشبيلية، وأعظم ملوك الطوائف، الذي تحالف معه وتعهّد بمعاونته بالجند والمرتزقة ضد جميع المسلمين مقابل ألاّ يتعرض لمشروعه في مهاجمة طليطلة، فضحّى المعتمد بمعقل الأندلس المسلمة مقابل وعود خدّاعة، ودفع للادفونش الجزية 5

استمرّ الفونسو في غاراته على أراضي طليطلة دون أن يجد من يردعه، وبعد أن أنهكها تقدّم لحصارها، واستمرّ في حصارها سبع سنوات 6 وارتكب بها وبأهلها الأفاعيل وأُنزلت الآثامٍ، وتمثّلت النزّعة الصّليبيّة واضحة في هذا الحصار، فقد ضمّت القوات النّصرانيّة جنوداً من جميع أسبانيا النّصرانية من قشتاله وليون وارغون، ومتطوعين نصارى من المغامرين من فرنسا وألمانيا وإنكلترا وغيرها من أوربا النصرانية 7، تباركهم الكنيسة. في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015