بَابُ الاحْتِجَاجِ لِلْقُرآنِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ

قال أبو سعيد رحمه الله: فَمِنْ ذَلِكَ؛ ما أَخْبَرَ اللهُ تعالى في كتابِهِ عن زَعِيمِ هؤلاءِ الأَكْبرِ وإِمَامِهِم الأَكْفَرِ، الذي ادَّعَى أولاً أَنَّهُ مخلوقٌ؛ وهو الوحيد، واسمهُ الوليد بن المُغِيرَة، فَأَخبرَ اللهُ عن الكافِر دعواه فيه، ثم أَنكرَ عَليهِ دَعْواه، وردَّها عليه، وَوَعَده النَّارَ؛ أَنِ ادَّعَى أَنَّ قَولَ اللهِ قَوْلُ البَشَرِ.

وقوله: إِنْ هذا إلا قَولُ البَشَرِ، وقَولُ هؤلاءِ الجَهْمِيَّةِ: هو مخلوق؛ واحِدٌ، لا فَرْقَ بينهُمَا، فَبِئْسَ التَّابِعُ وبِئْسَ المَتْبُوعُ.

قال الله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} إلى قوله: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)} [المدثر: 11 - 26]، يَعنِي أنه ليس بقولِ البَشَرِ كمَا ادَّعى الوَلِيدُ، ولَكِنَّهُ قَوْلُ اللهِ - عز وجل -.

(173) فَحَدَّثنا أبو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدَّثَنا ابنُ نُمَيْرٍ، حدثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ بنِ المُهَاجِر قال: سمعتُ أَبِي يَذْكُرُ، عَن مُجَاهِدٍ في قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13)} قال: «ذلك الوليدُ بنُ المغيرة المَخْزُومِيُّ، والمالُ الممدود؛ أَلْفُ دِينَار، والبَنِينُ الشهود؛ عَشْرَةُ بنين، قال: فلم يَزَلِ النُقْصَانُ في ماله، وَوَلَدِهِ حِينَ تَكَلَّمَ بما تَكلم حَتَّى مَات» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015