عبْدانِكم، ولا يجبُ عليّ سوى أربعينَ جَلدةً منتهَى حدِّ العبد، فقبِلَ ذلك المنصورُ منه على عِلمِه بما في طيِّه من التنكيت عليه، وإنّما أشار بذلك أبو العبّاس إلى معتَقدِ آل عبد المؤمن وطائفتِهم قديمًا وحديثًا أنّ كلَّ من خرَجَ عن قبائِلهم المعتقِدة هِدايةَ مَهْديِّهم وعصمتَه فهم عَبيدٌ لهم أرِقّاءُ، فصَرَفَه المنصورُ إلى منزلِه، واستمرَّ هِجرانُه إياه ومَنْعُه حضورَ مجلسِه إلى أن توفِّي المنصورُ ووَليَ ابنُه الناصرُ فتَركَه مُغضَبًا على ما كان عليه آخِرَ أيام أبيه إلّا أنه أباحَ له التصرُّفَ في حوائِجه ولقاءَ من يريدُ لقاءه من أصنافِ الناس، وقد كان ذلك ممّا حَظَرَه عليه المنصورُ، فاستقَرَّ حالُ أبي العبّاس على ما ذُكِرَ من الإخمال إلى أن توفِّي عن سنٍّ عالية بمَرّاكُش يومَ عاشوراءِ تسع وتسعينَ وخمس مئة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015