الحياء

الحياء: انقباض النفس عن القبائح، وهو من خصائص الإنسان، وأول ما يظهر من قوة الفهم في الصبيان، وجعله اللَّه تعالى في الإنسان ليرتدع به، عما تنزعه إليه الشهوة من القبائح فلا يكون كالبهيمة.

وهو مركب من جبن وعفة، ولذلك لا يكون المستحي فاسقًا ولا الفاسق

مستحيًا لتنافي اجتماع العفة والفسق، وقل ما يكون الشجاع مستحييًا والمستحي شجاعًا لتنافي اجتماع الجبن والشجاعة، ولعزة وجود ذلك تجمع الشعراء بين المدح بالشجاعة، والمدح بالحياء نحو قول الشاعر:

يجري الحياء الغض من قسماتهم ... في حين يجري من أكفهم الدم

وقال آخر:

كريم يغض الطرف فضل حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دواني

ومتى قصد به الانقباض فمدح للصبيان دون المشايخ، ومتى قصد به ترك القبيح فمدح لكل أحد، وبالاعتبار الأول قيل: الحياء الأفاضل قبيح.

ومن هذا الوجه قيل: خزي يخزى خزيًا في الهوان، وخزي خزاية في الاستحياء فجعلا من منبع واحد،

وبالاعتبار الثاني قيل: " إن اللَّه يستحي من ذي الشيبة في الإسلام أن يعذبه "، أي: يترك تعذيبه.

وأما الخجل: فحيرة النفس لفرط الحياء، ويحمد في النساء والصبيان، ويذم باتفاق من الرجال.

والوقاحة: مذمومة بكل لسان، إذ هي انسلاخ من الإنسانية، وحقيقتها لجاجة النفس في تعاطي القبيح واشتقاقه من حافر وقاح، أي: صلب " ولهذه المناسبة قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015