شكَرْتُكَ إنَّ الشُّكْرَ حبْلٌ من التُّقَى ... وما كلُّ مَنْ أَوْليْتَه نِعمَةً يَقْضِي

فنبَّهْتَ من ذِكرِي وما كان خامِلاً ... ولكنَّ بعضَ الذِّكْرِ أنْبَهُ من بَعْضِ

قال ابن سيده: وهذا يدلُّ على أنَّ الشكرَ لا يكون إلا عن يدٍ، ألا تراه يقول: وما كلُّ من أوليته نعمةً يقضي؟ أي ليس كلُّ من أوليته نعمة يشكرك عليها. . . ويقال: شكرَه وشكرَ له، وباللام أفصح، وتقول: شكرت نعمة الله، ولنعمته: وتشكر له بلاءَه، كشكره، وتشكر له مثل شكر له، هذا خلاصة ما قاله علماء اللغة. وقال أبو البقاء فيما قال، إذ أطال: الشكر: عرفانُ الإحسان، ومن الله المجازاة، وأصل الشكر: تصوُّر النعمةِ وإظهارُها وحقيقتُه: العجزُ عن الشكر، إلى أن قال: والشكر العُرْفيُّ: صَرْفُ العبد جميعَ ما أنعم الله به عليه من السمع والبصر والكلام وغيرها، إلى ما خُلِقَ له وأُعطاه لأجله، كصرف النظر إلى مصنوعاته، والسمعِ إلى تلقي إنذاراته، والذهن إلى فهم معانيها، وعلى هذا القياس، وقليلٌ ما هم، إلى أن قال: وتوفية شكرِ الله صعبٌ، ولذلك لم يُثْنِ بالشكر من أوليائه إلا على إبراهيمَ صلوات الله عليه، إذ قال سبحانه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}؛ وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015