وقد اصطلح بعض أهل العلم على تسمية هذه الحالة بـ (التولي)،فكل ما دل الدليل على أنه كفر وردة فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: محبة دين الكفار، ومحبة انتصارهم، وغيرها من الأمثلة، ومنها مسألتنا هذه وهي: مظاهرتهم على المسلمين.

الحالة الثانية: معاملة محرمة غير مكفّرة:

وقد اصطلح بعض أهل العلم على تسمية هذه الحالة بـ (الموالاة)،فكل ما دل الدليل على تحريمه ولم يصل هذا التحريم إلى (الكفر) فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: تصديرهم في المجالس، وابتدائهم بالسلام، وموادتهم التي لم تصل إلى حد (التولي)،وغير ذلك.

الحالة الثالثة: معاملة جائزة:

وهي غير داخلة في (الموالاة)،وهي ما دلت الأدلة على جوازه مثل العدل معهم، والإقساط لغير المحاربين منهم، وصلة الأقارب الكفار منهم، ونحو ذلك.

والفرق بين الحالتين الثانية والثالثة ذكره القرافي رحمه الله في كتابه (الفروق) حيث قال:"اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ التَّوَدُّدِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:1] الْآيَةَ فَمَنَعَ الْمُوَالَاةَ وَالتَّوَدُّدَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} [الممتحنة:8] الْآيَةَ وَقَالَ فِي حَقِّ الْفَرِيقِ الْآخَرِ {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة:9] الْآيَةَ.

وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -،أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ» (?)

وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا» فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ النُّصُوصِ وَإِنَّ الْإِحْسَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَالْبَابَانِ مُلْتَبِسَانِ فَيَحْتَاجَانِ إلَى الْفَرْقِ وَسِرُّ الْفَرْقِ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ يُوجِبُ حُقُوقًا عَلَيْنَا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي جِوَارِنَا وَفِي خَفَارَتِنَا وَذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدِينِ الْإِسْلَامِ فَمِنْ اعْتَدَى عَلَيْهِمْ وَلَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015