حكم حلق اللحية لمن له ظروف سياسية تجبره على ذلك

ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أفتوني في حكم حلق اللحية لأسباب سياسية؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ففي الصحيحين عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ» (?).

وقد تكرر هذا الأمر منه - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما، والأمر يقتضي الوجوب على الراجح عند الأصوليين. وقد اجتمع في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، وهو هدي النبيين كافة، كما أنه فعل الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لايعرف منهم مخالف. لكن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:233].وقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:173].

وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» [أخرجه مسلم] (?).

وعلى هذا إذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضرراً مجحفا محققا، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها، فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولايصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015