أظهر مخالفتهم، وذم مذهبهم، أو اتهم بذلك أحضر، فإن وافقهم ودخل في كفرهم، وأجابهم إلى ما يدعونه إليه وإلا قتلوه سرا، وحملوه من بلد إلى بلد، فكم من قتيل لم تعلم به، وكم فين مضروب قد ظهر أمره وكم ممن قد أجابهم واتبعهم على قولهم من العلماء خوفا على أنفسهم لما عرضوا على السيف والقتل أجابوا كرها، وفارقوا الحق عيانا، وهم يعلمون لما حذروا، من بأسهم والوقوع بهم.

قال عبد العزيز: فلما كان في الجمعة التي اعتزمت فيها على إظهار نفسي، وإشهار قولي، واعتقادي، صليت الجمعة بالمسجد الجامع بالرصافة من الجانب الشرقي بحيال القبلة والمنبر بأول صف من صفوف العامة، فلما سلم الإمام من صلاة الجمعة، وثبت قائما على رجلي ليراني الناس وسمعوا كلامي، ولا تخفى عليهم مقالتي، وناديت بأعلى صوتي لابني، وكنت قد أقمت ابني بحيالي عند الاسطوانة الأخرى، فقلت له: يا ابني ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق"..

قال عبد العزيز: "فلما سمع الناس كلامي، ومسألتي لابني وجوابه إياي، هربوا على وجوههم خارجين من المسجد إلا يسير من الناس خوفا على أنفسهم، وذلك أنهم سمعوا ما لم يكونوا يستمعون، وظهر لهم ما كانوا يخفون ويكتمون، فلم يستتم ابني الجواب حتى أتاني أصحاب السلطان، واحتملوني وابني فأوقفوني بين يدي عمرو بن مسعدة1 وكان قد جاء ليصلي الجمعة، فلما نظر إلى وجهي، وكان قد سمع كلامي ومسألتي لابني، وجواب ابني إياي، فلم يحتج أن يسألني عن كلامي، فقال لي: أمجنون أنت؟ قلت،: لا. قال: فموسوس أنت؟ قلت: لا. قال: أفمعتوه أنت؟ قلت: لا. إني لصحيح العقل جيد الفهم ثابت المعرفة والحمد لله كثيرا. قال: فمظلوم أنت؟ قلت: لا. فقال لأصحابه ورجاله: مروا بهما إلى منزلي".

قال عبد العزيز: "فحملنا على أيد الرجال حتى أخرجنا من المسجد ثم جعلوا يتعادون بنا سحبا شديدا وأيدينا في أيد الرجال يمنة ويسرة، وسائر أصحابه خلفنا وقدامنا، حتى صرنا إلى منزل عمرو بن مسعدة على تلك الحال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015