4) أَنَّ الجِنِّ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ كَانَ مِنْهُم مَنْ لَقِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَمَعَ إِلَيْهِ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ (?)، وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ عِنْدَهُم مِنَ القُدُرَاتِ وَالإِمْكَانَاتِ الَّتِيْ أَعْطَاهُم إِيَّاهَا اللهُ تَعَالَى مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِم؛ وَقَدْ مَضَى زَمَنُ النُّبُوَّةِ وَزَمَنُ الصَّحَابَةِ (?) وَلَمْ يَجْرِ فِيْهِ الاسْتِعَانَةُ بِالجِنِّ - حَتَّى المُسْلِمِ مِنْهَا -، فَكَانَ هَذَا الأَمْرُ بِمَثَابَةِ إِجْمَاعٍ مِنْهُم عَلَى عَدَمِ مَشْرُوْعيَّتِهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (?)

5) سَدًّا لِذَرِيْعَةِ الافْتِتَانِ بِهِم: وَالفِتْنَةُ هِيَ مِنْ وُجُوْهٍ:

أ) أَنَّ الشَّيَاطِيْنَ الأَصْلُ فِيْهِمُ الكَذِبُ، فَلَا يُؤْمَنُ كَذِبُ مَنْ يَزْعُمُ مِنْهُم أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ صَالِحٌ؛ فَهُم يُوْقِعُوْنَ العَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ فِي كَذِبِهِم.

ب) أَنَّ الشَّيَاطِيْنَ لَهُم اسْتِدْرَاجٌ فَيَتَدَرَّجُوْنَ مِنْ مُبَاحٍ إِلَى مَكْرُوْهٍ إِلَى مُحَرَّمٍ إِلَى شِرْكٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِيْنٌ} (البَقَرَة:168).

ج) أَنَّ الاسْتِعَانَةَ بِهِم - وَهُمْ غَيْرُ مُشَاهَدُوْنَ لَنَا - يَعْنِي الاسْتِغَاثَةَ بِهِم فِي جَمِيْعِ الأَحْوَالِ، وَهَذَا يُمَاثِلُ فِعْلَ المُشْرِكِيْنَ مَعَ آلِهَتِهِم وَمَعَ الجِنِّ، فَقَوْلُ أَحَدِهِم: (أَغِثْنِي يَا فُلَانُ - بِاسْمِ الجِنِّيِّ -) أَوْ (أُعُوْذُ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ - مِنَ الجِنِّ -) وَبِزَعْمِ أَنَّهُ حَيٌّ حَاضِرٌ قَادِرٌ؛ هَذَا ذَرِيْعَةٌ لِلشِّرْكِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الشِّرْكُ.

فَاللهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي سُوْرَةِ الجِنِّ ضَلَالَ أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ كَانُوا يَسْتَعِيْذُوْنَ بِمَرَدَةِ الجِنِّ مِنْ سَائِرِ الجِنِّ، وَالاسْتِعَاذَةُ طَلَبٌ وَاسْتِعَانَةٌ، وَلَمْ يَكُوْنُوا يَقُوْلُوْن هَذَا إِلَّا إِذَا نَزَلُوا فِي الأَوْدِيَةِ! فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُوْنَ كَبِيْرُ الجِنِّ يَسْمَعَ كَلَامَهُم؛ وَهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا مِنْهُ مَا لَا يَسْتَطِيْعُهُ؛ وَمَعَ ذَلِكَ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى ضَلَالَهُم. (?) (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015