متن الباب ومسائله

بَابُ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا

وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} (النَّجْم:22).

وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ؛ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ - وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ -، وَللِمُشْرِكِيْنَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُوْنَ عِنْدَهَا وَيَنُوْطُوْنَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ! قُلْتُم - وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ - كَمَا قَالَتْ بَنو إِسْرَائِيْلَ لِمُوْسَى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الأَعْرَاف:138)، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. (?)

فِيْهِ مَسَائِلُ:

الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ النَّجْمِ.

الثَّانِيَةُ: مَعْرِفَةُ صُوْرَةِ الأَمْرِ الَّذِيْ طَلَبُوا.

الثَّالِثَةُ: كَوْنُهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا.

الرَّابِعَةُ: كَوْنُهُمْ قَصَدُوا التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ بِذَلِكَ; لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ يُحِبُّهُ.

الخَامِسَةُ: أَنَّهُمْ إِذَا جَهِلُوا هَذَا; فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى بِالجَهْلِ.

السَّادِسَةُ: أَنَّ لَهُمْ مِنَ الحَسَنَاتِ وَالوَعْدِ بِالمَغْفِرَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ.

السَّابِعَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْذِرْهُمْ بَلْ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (اَللَّهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ! لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)؛ فَغَلَّظَ الأَمْرَ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ.

الثَّامِنَةُ: الأَمْرُ الكَبِيْرُ - وَهُوَ المَقْصُوْدُ - أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ طَلَبَهُمْ كَطَلَب بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا قَالُوا لِمُوْسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا}.

التَّاسِعَةُ: أَنَّ نَفْيَ هَذَا مِنْ مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) مَعَ دِقَّتِهِ وَخَفَائِهِ عَلَى أُولَئِكَ.

العَاشِرَةُ: أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الفُتْيَا، وَهُوَ لَا يَحْلِفُ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ.

الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ الشِّرْكَ فِيْهِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدُّوا بِهَذَا.

الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُمْ (وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ) ; فِيْهِ أَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ.

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: التَّكْبِيرُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ - خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَهُ -.

الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: سَدُّ الذَّرَائِعِ.

الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: النَّهْيُ عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ.

السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الغَضَبُ عِنْدَ التَّعْلِيمِ.

السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: القَاعِدَةُ الكُلِّيَّةُ لِقَوْلِهِ (إِنَّهَا السُّنَنُ).

اَلثَّامِنَةِ عَشْرَةَ: أَنَّ هَذَا عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِكَوْنِهِ وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ.

التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ كُلَّ مَا ذَمَّ اللهُ بِهِ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى فِي القُرْآنِ; أَنَّهُ لَنَا.

العِشْرُوْنَ: أَنَّهُ مُتَقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّ العِبَادَاتِ مَبْنَاهَا عَلَى الأَمْرِ، فَصَارَ فِيْهِ التَّنْبِيْهُ عَلَى مَسَائِلِ القَبْرِ أَمَّا (مَنْ رَبُّكَ?) فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا (مَنْ نَبِيِّكَ?) ; فَمِنْ إِخْبَارِهِ بِأَنْبَاءِ الغَيْبِ، وَأَمَّا (مَا دِينُكَ) فَمِنْ قَوْلِهِمْ (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا الخَ) إِلَى آخِرِهِ.

الحَادِيَةُ وَالعِشْرُوْنَ: أَنَّ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ مَذْمُومَةٌ كَسُنَّةِ المُشْرِكِيْنَ.

الثَّانِيَةُ وَالعِشْرُوْنَ: أَنَّ المُنْتَقِلَ مِنَ البَاطِلِ الَّذِيْ اعْتَادَهُ قَلْبُهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُوْنَ فِي قَلْبِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ العَادَةِ; لِقَوْلِهِ (وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015