- قُلْتُ: يَشْهَدُ لِعُمُوْمِ المَنْعِ مِنَ سُؤَالِ المَخْلُوْقِ بِوَجْهِ اللهِ حَدِيْثُ (مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ، وَمَلْعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ؛ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْرًا) - وَقَدْ سَبَقَ -.

وَيَشْهَدُ لِاسْتِثْنَاءِ سُؤَالِ الخَالِقِ بِوَجْهِهِ فِي أَمْرِ الدِّيْنِ - وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ أَمْرِ الدُّنْيَا - حَدِيْثُ (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} (الأَنْعَام:65) قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيْقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا أَهْوَنُ؛ أَوْ هَذَا أَيْسَرُ)). (?)

فَحَدِيثُ البَابِ صَحِيْحُ المَعْنَى؛ إِلَّا أَنَّهُ يَزِيْدُ قَيْدًا وَهُوَ أَنْ لَا يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ إِلَّا الجَنَّةَ؛ وَهَذَا الحَصْرُ يُوَافِقُ مَا سَبَقَ مِنْ لَفْظِ الحَدِيْثِ (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) فِي دَفْعِ العَذَابِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فِيْهِ طَلَبَ ضِدِّهِ وَهُوَ طَلَبُ النَّجَاةِ إِلَى الجَنَّةِ بِسَلَامٍ.

- فَائِدَة 1) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَنْ عَطَاءَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ أَوْ بِالقُرْآنِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا. (?)

- فَائِدَة 2) للهِ تَعَالَى صِفَةُ الوَجْهِ - كَمَا يَلِيْقُ بِجَلَالِهِ وَكَمَالِهِ -، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِيْهِ، قَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيمَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (كِتَابُ التَّوْحِيْدِ): (فَنَحْنُ - وَجَمِيْعُ عُلَمَائِنَا مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ - مَذْهَبُنَا: أَنَّا نُثْبِتُ لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ، نُقِرُّ بِذَلِكَ بِأَلْسِنَتِنَا، وَنُصَدِّقُ ذَلِكَ بِقُلُوْبِنَا؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُشَبِّهَ وَجْهَ خَالِقِنَا بِوَجْهِ أَحَدٍ مِنَ المَخْلُوْقِيْنَ، عَزَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ يُشَبَّهَ بِالمَخْلُوْقِيْنَ، وَجَلَّ رَبُّنَا عَنْ مَقَالَةِ المُعَطِّلِيْنَ، وَعَزَّ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ عَدَمًا كَمَا قَالَهُ المُبْطِلُوْنَ، لأَنَّ مَا لَا صِفَةَ لَهُ عَدَمٌ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَهْمِيُّوْنَ الَّذِيْنَ يُنْكِرُوْنَ صِفَاتِ خَالِقِنَا الَّذِيْ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيْلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). (?)

- فَائِدَة 3) قَالَ بَعْضُهُم: وَجْهُ اللهِ؛ المُرَادُ بِهِ القِبْلَةُ (?) أَوِ الجِهَةُ أَوِ الثَّوَابُ (?) وَلَيْسَ للهِ تَعَالَى وَجْهٌ حَقِيْقِيٌّ! وَالصَّوَابُ أنَّهُ وَجْهٌ للهِ حَقِيْقِيٌّ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ} (الرَّحْمَن:27)، فَإِذَا كَانَ الوَجْهُ مَوْصُوْفًا بِالجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّوَابُ أَوِ الجِهَةُ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015