- حَدِيْثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِيْهِ جَوَامِعٌ مِنَ الكَلِمِ: لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الأَلْفَاظُ اليَسِيْرَةُ مَعَانِيَ كَثِيْرْةً، فَأَقْسَامُ المَحَبَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ ثَلَاثَةٌ: مَحَبَّةُ إِجْلَالٍ وَعَظَمَةٍ كَمَحَبَّةِ الوَالِدِ، وَمَحَبَّةُ شَفَقَةٍ وَرَحْمَةٍ كَمَحَبَّةِ الوَلَدِ، وَمَحبَّةُ اسْتِحْسَانٍ وَمُشاكَلَةٍ كَمَحَبَّةِ النَّاسِ. فذَكَرَ الحَدِيْثُ أَصْنَافَ المَحَبَّةِ جَمِيْعِهَا. (?)

وَأَيْضًا قَوْلُهُ (حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ) فِيْهِ ذِكْرُ المَحَبَّةِ فِي اللهِ، وَهِيَ مَحَبَّةُ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

- قَوْلُهُ (وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيْمَانِ): قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (قَالَ العُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللهُ: مَعْنَى حَلَاوَةِ الإِيْمَانِ: اسْتِلْذَاذُ الطَّاعَاتِ، وَتَحَمُّلُ المَشَقَّاتِ فِي رِضَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيثَارُ ذَلِكَ عَلَى عَرَضِ الدُّنْيَا، وَمَحَبَّةُ العَبْدِ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفِعْلِ طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَحَبَّةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). (?)

- قَوْلُهُ (فَإِنَّمَا تُنَالُ وَلَايَةُ اللهِ بِذَلِكَ): الولَايَةُ - بِفَتْحِ الوَاوِ-: المَحَبَّةُ وَالنُّصْرَةُ، وَبِالكَسْرِ: المُلْكُ وَالإِمَارَةُ.

وَوَلَايَةُ اللهِ نَوْعَانِ:

1) عَامَّةٌ: وَهِيَ الشَّامِلَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُوْنَ} (يُوْنُس:30)، فَجَعَلَ لِنَفْسِهِ سُبْحَانَهُ وَلَايَةً عَلَى هَؤُلَاءِ المُفْتَرِيْنَ، فَهَذِهِ وَلَايَةٌ عَامَّةٌ، فَاللهُ هُوَ الَّذِيْ يَتَوَلَّى عِبَادَهُ بِالتَّدْبِيْرِ وَالتَّصْرِيْفِ وَالسُّلْطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

2) خَاصَّةٌ: وَهِيَ أَنْ يَتَوَلَّى اللهُ العَبْدَ بِعِنَايَتِهِ وَتَوْفِيْقِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَهَذِهِ لِلمُؤْمِنِيْنَ، قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَأَنَّ الكَافِرِيْنَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} (مُحَمَّد:11)، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ المَقْصُوْدُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

- قَوْلُهُ تَعَالَى {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِيْنَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِيْنَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} (البَقَرَة:166): الأَسْبَابُ: أَي الوَسَائِلُ الَّتِيْ اتَّخَذَهَا المُشْرِكوْنَ لِنَيلِ شَفَاعَةِ وَنَصْرِ مَعْبُوْدِهِم وَآلِهَتِهِم عِنْدَ اللهِ.

وَمِنْ هذهِ الوَسَائِلِ: المَوَدَّةُ وَالذَّبْحُ وَالدُّعَاءُ وَالتَّبَرُّكُ وَ ... ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِيْنَ) (العَنْكَبُوْت:25).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015