قيل له: لأن هذا الاعتقاد وإن كان خطأ منه فليس تعليق الحكم به وألزمه عنده خطأ, لأنه قد أوجب عليه الحكم بذلك عند حصول هذا الاعتقاد. ولا يجوز- أيضا. وإن كان هذا الاعتقاد خطأ أن يكون آثما وعاصيا به, لأنه لم يجب عليه عند خفاء الأمر وتعذر وصوله إلى الخبر المانع من الاجتهاد عند من رأي عذره بذلك لخفاء الدليل أكثر من فعل الاعتقاد للقطع على أنه لا دليل هناك, بل حصل له فعل هذا الاعتقاد.

فإن قيل: أوليس هذا منه جهل واعتقاد الشيء على غير ما هو به, والله سبحانه لا يبيح الجهل ويطلقه لقبحه وقبح إباحته.

قيل له: هذا الأصل باطل عندنا, وإنما يقبح من الجهل بالأمور ما حظر الجهل به وقبحه ويحسن منه ما أمر به إن كان من الأمور ما قد نهينا عن العلم به وطلبه من أسرار الناس وعورات بيوتهم, وطلب العلم بعدد أكرار خردل وأمثال ذلك. وقد بينا هذا في مقدمات هذا الكتاب, وفي كتب أصول الديانات بما يغني الناظر فيه. فبطل ما قالوه.

وكان الأولى في هذا أن يقال: إن كل دليل على تخصيص العام ومانع من الاجتهاد في حكم الحادثة, فقد أمر كل عالم بإصابته والحكم بموجبه, وليس هو كالأمور التي أباح الله الجهل بها. فيجب أن يكون مخطئ ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015