يحكم بعمومه. وقد يجوز عندنا أن تكون ما اعتقده من انتقاء دليل يخصه صحيحا على ما اعتقده, ويجوز أن يكون خطأ منه ويكون الأمر على غير ما اعتقده. غير أن الله سبحانه إنما علق فرضه في وجوب الحكم بعموم الخطاب على حصول هذا الاعتقاد منه أخطأ في ذلك أم أصاب.

كما أنه أوجب على المجتهد في طلب القبلة الصلاة إلى ما يغلب على ظنه أنه جهة القبلة أصاب في ظنه ذلك أم أخطأ.

وكذلك أوجب على العالم الحكم إذا اعتقد القطع على أنه ليس في وجوه الأدلة ما يخصه سواء أصاب في اعتقاده ذلك أم أخطأ.

فأما إذا اجتهد ولم يصره الاجتهاد إلى اعتقاد القطع على أنه لا دليل في السمع يوجب ذلك, بل وجدها ظنية لعدم الدليل? مجوزة لوجوده لم يجز له الحكم بعمومه مع تجويز كونه خاصا, لأنه حينئذ يقدم على الحكم بما يجوز كونه خطأ, وذلك غير جائز. ويجب على هذا الأصل - أيضا- أن لا يجوز للعالم أن يجتهد ويحكم بالقياس والاستدلال في حكم الحادثة دون أن يعتقد أنه ليس فيها دليل يمنع من المصير إلى حكم الاجتهاد لأنه إن لم يعتقد ذلك وجوز وجود ما يمنع من الاجتهاد أقدم على الحكم بما يجوز كونه خطأ, وذلك غير جائز.

فإن قال قائل: كيف يجوز أن يوجب عليه الحكم بالعموم ويوجب الاجتهاد إذا اعتقد أنه لا دليل يمنع من ذلك مع أنه مخطئ عند الله في هذا الاعتقاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015