بمؤلف سماه: "الأرواح النوافخ"، فكان ذلك سبب الإنكار عليه من علماء مكة، ونسبوه إلى الزندقة بسبب عدم التقليد، والاعتراض على أسلافهم، ثم رفعوا الأمر إلى سلطان الروم، فأرسل بعض علماء حضرته لاختباره، فلم ير منه إلا الجميل، وسلك مسلكه، وأخذ عنه بعضُ أهل داغستان، ونقلوا بعض مؤلفاته، والمترجمَ له - مع اتساع دائرته في العلوم - ليس له التفات إلى اصطلاحات المحدَّثين في الحديث، ولكنه يعمل بما حصل له عنده ظن صحته؛ كما هو المعتبر عند أهل الأصول، مع أنه لا ينقل الأحاديث إلا من كتبها المعتبرة كالأمهات، وما يلحق بها، وإذا وجد الحديث قد خرِّج من طرق، وإن كان فيها من الوهي ما لا ينتهض معه للاحتجاج، ولا يبلغ به إلى رتبة الحسن لغيره، عمل به، وكذلك يعمل بما كانت له علل خفية، فينبغي للطالب أن يثبت في مثل هذه المواطن، وقد ذكر: أنه أخذ في مكة عن الشيخ إبراهيم الكردي - رحمهما الله تعالى -، انتهى.

404 - صديق بن علي، المزجاجيُّ، الزبيديُّ.

ولد سنة 1159 تقريبًا، أتقن كتب الأحاديث والفقه الحنفي، وسافر للدرس والتدريس إلى مخاثم، ثم رجع إلى صنعاء.

قال في "البدر الطالع": ووصل إليَّ، ولم أكن قد عرفته قبلَ ذلك، ولا عرفني، وجرت بيني وبينه مذاكرات في عدة فنون، ثم خطر ببالي أن أطلب عنه الإجازة، فعند ذلك المخاطر طلب مني هو الإجازة، فكان ذلك من المكاشفة، فأجزت له، وأجاز في، وكان إذ ذاك سنُّه فوق خمسين سنة، وعمري دون الثلاثين، ثم ما زال يتردد إليّ، وفي بعض المواقف بمحضر جماعة وقعت بيني وبينه مراجعة في مسائل، واكثرت الاعتراض على مسائل من فقه الحنفية، وأوردت الدليل، وما زال يتطلب المحامل لما يقوله الحنفية، فلما خلوت به، قلت له: اصدُقْني، هل ما تبديه في المراجعة تعتقده اعتقادًا جازمًا؟ فإن مِثْلَك في علمك بالسنة لا يُظن به أنه يؤثر مذهبه الذي هو محض الرأي في بعض المسائل على ما يعلمه صحيحًا ثابتًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا أعتقد صحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015