حدث عن نفسه: أنه قرأ "البخاري" أكثر من خمسين مرة، ووصفه شيخه - صاحب "القاموس" -، فقال: إمام السنة، وأما ابن حجر، فقال في أنبائه: إنه مع محبته للحديث وإكبابه على الرواية غير ماهر فيه، انتهى. مات في سنة 835، رح.

403 - صالح بن مهدي بن علي، المعروفُ بالمُقْبِلي، الصنعانيُّ، ثم المكيُّ.

ولد سنة 1047، تلمذ على ابن الوزير، قال في "البدر الطالع": جرت بينه وبين علمائها - يعني: صنعاء - مناظرات أوجبت المنافرة؛ لما فيه من الحدة والتصميم على ما يقتضيه الدليل، وعدم الالتفات إلى التقليد، ثم ارتحل إلى مكة، ووقعت له امتحانات هنالك، واستقر بها حتى مات في سنة 1108، وهو ممن برع في جميع علوم الكتاب والسنة، وحقق الأصول العربية، والمعاني والبيان، والحديث والتفسير، وفاق في جميع ذلك، وله مؤلفات كلها مقبولة عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته وهو حقيق بذلك، وفي عباراته قوة وفصاحة وسلامة تعشقها الأسماع، وتلتذ بها القلوب، ولكلامه وقع في الأذهان، قلَّ أن يمعن في مطالعته مَنْ له فَهم، فيبقى على التقليد بعد ذلك، وإذا رأى كلامًا متهافتًا، زيفه، ومزقه بعبارات عذبة حلوة، وقد أكثر الحطَّ على المعتزلة في بعض المسائل، وعلى الأشعرية في بعض آخر، وعلى الصوفية في غالب مسائلهم، وعلى الفقهاء في كثير من تفريعاتهم، وعلى المحدِّثين في بعض علوهم، ولا يبالي إذا تمسك بالدليل بمن يخالفه، كائنًا من كان، وله مؤلفات منها: "الإتحاف لطلبة الكشاف"، انتقد فيه على الزمخشري كثيرًا من المباحث، وذكر ما هو راجح لديه، ومنها: "الأبحاث المسددة" - جمع فيه مباحث تفسيرية وحديثية وفقهية وأصولية، وكان قد ألزم نفسه السلوك في مسلك الصحابة، وعدم التعويل على التقليد لأهل العلم في جميع فنون.

ولما سكن مكة، وقف عالمُها البرزنجي محمد بن عبد الرسول المدني على "العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ"، فكتب عليه اعتراضات، فرده عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015