ثم لما تخوفوا أخيرا من البعث الإسلامي الصحيح الذي ندب إليه (الشيخ) وقام به مع أعوانه في كل مكان، أعادوا نعرتهم الأولى التي طمستها الأنوار المحمدية حين حاولوا إشعالها بين الأنصار.

فوجدوا في هذا الوقت لها مرتعا خصبا، وكسبوا أنصارا لهم على الباطل من أبنائنا (من جلدتنا وينطقون بلغتنا) فألهبوا حماس الجهلة بنعرات العصبيات القومية في كل أمة إسلامية.

وعلى الأخص العرب، ليصرفوهم عن واجبهم ويقطعوا صلتهم بينهم وكتابهم، ويحولوا ما بقي فهم من طاقات الخير والهداية إلى الوثنية وعبادة المادة والشهوات وتقديس الأشخاص، والرغبة إليهم بحجة الجنسية والوطنية، وعكسوا لذلك كل مفهوم، واستعملوا جميع وسائل الإغراء لحمل المسلمين على التمرد عن وحي الله، حتى تكونت في المحيط الإسلامي والعربي خاصة ردة جديدة، وجاهلية جديدة، أفظع من كل جاهلية سبقتها، بما انتحلوه من مبادئ وطنية ومذاهب مادية مزخرفة بألقاب ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب مما لا يكشف إلا بالرجوع إلى أصل التوحيد الذي تكلم عليه الشيخ.

وأرى لزاما عليّ في هذه العجالة أن أُقرِّب معاني ذلك إلى القراء الكرام. فأقول:

اعلم أن توحيد الألوهية الذي تقتضيه كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) المركبة من النفي والإثبات، يستلزم أصلين لا تقوم إلا بهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015