يباينها، وكان مما يجوز في العقل وقوع مثله يتثبت في أمر نقلها حتى لا نؤخذ إلا ممن ظهرت عدالته، ولم يتهم بكذب، ولا وهم في خبره، ولم يكن فيما أخبر به جاراً إلى نفسه، ولا دافعاً عنها، ولم يعارضه خبر مثل خبره يبطل ما أخبر به وبجميع ما ذكرناه قد جاء القرآن، وجرت الأحكام، فقال الله - عز وجل - {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ}، وقال: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، وأجمعت الأمة على ألا تقبل دعوى أحد لنفسه، ولا شهادته فيما جر إليها أو دفع عنها، وعلى أن الأخبار إذا تكافأت بطلت. ثم إن كان الخبر في أمر الدين عرض على كتاب الله - عز وجل - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فإن وجد مخالفاً خلاف مضادة علم أنه ليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يضاد كتاب الله - عز وجل - وإن كان الخلاف من جهة خصوص وعموم، وناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، ومجمل ومفسر، كان ذلك معمولاً عليه مأخوذاً به على الشرائط التي ذكرناها في كتاب التعبير. وإن لم يوجد لذلك أصل في كتاب الله - عز وجل - وكان مما يجوز التعبير به، فليس ينبغي أن يدفع لأن الله - عز وجل - قد شرع على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - شرائع لم يثبتها في كتابه، منها: رجم الزاني المحصن، واليمين مع الشاهد، وتحريم كل ذي ناب ومخلب، وأشباه لذلك، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أوتيت الكتاب ومثله معه"، أي من السنن التي شرعها الله - عز وجل - على يده، وقد روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ألفين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015