وعجزهم وقيام الحجة به عليهم حتى رضوا بالقتل والخزي العاجل وما فاهوا بادعاء معارضة ولا تشوفوا إلى الاستناد إلى عظيم تلك المعارضة، أتبع ذلك تعالى تنبيه نبيه والمؤمنين إلى ما قد نصبه من الدلائل سواء مما صد المعرض عن

الاعتبار بها أو ببعضها مجرد هواه، ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله

فقال تعالى بعد القسم بالكتاب المبين ... "إن في السماوات والأرض لآيات

للمومنين "

أى لو لم تجئهم يا محمد بعظيم آية الكتاب فقد كان لهم

فيما نصبنا من الأدلة أعظم برهان وأعظم تبيان "أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى" (الروم: 8) .

فلما نبه بخلق السماوات والأرض أتبع بذكر ما بث في الأرض فقال: "وفي

خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار"

أي في دخول أحدهما على الآخر بألطف اتصال وأربط انفصال، "لا

الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار" ثم نبه على

الاعتبار بإنزال الماء من السماء وسماه رزقا.... فقال: "وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا" ثم قال: "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"

والاستدلال بهذه الآي يستدعي بسطا يطول ثم قال: "تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق " أي علاماته ودلائله "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ "

ثم قال: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)

بعد ما شاهدوه من شاهد الكتاب وما تضمنه خلق السماوات والأرض

وما فيها وما بينهن من عجائب الدلائل الواضحة لأولى الألباب، فإذا لم يعتبروا بشيء من ذلك فبماذا يعتبر، ثم أردف تعالى بتقريعهم وتوبيخهم في تصحيحهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015