4ـ هل المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة؟

ذهب الشيخ المحقق صادق عرجون ـ رحمه الله ـ إلى أنَّ: صحف الصِّدِّيق التي كانت أصلاً للمصحف الإمام بإجماع المسلمين لم تكن جامعة للأحرف السبعة التي وردت في صحاح الأحاديث بإنزال القرآن عليها، بل كانت حرف منها، هو الذي وقعت به العرضة الأخيرة، واستقرَّ عليها الأمر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كانت الأحرف السبعة أولاً من باب التّيسير على الأمة، ثم ارتفع حكمها لمَّا استفاض القرآن، وتمازج الناس، وتوحَّدت لغاتهم، قال الإمام الطحاويُّ: إنَّما كانت السَّعة للناس في الحروف، لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم، لأنَّهم كانوا أمِّيين، لا يكتب إلا القليل منهم، فلمَّا كان يشقُّ على كل ذي لغة أن يتحوَّل إلى غيرها من اللَّغات، ولو رَام ذلك لم يتهيّأ له إلا بمشقة عظيمة ـ وُسّع لهم ـ فلا اختلاف الألفاظ، إذا كان المعنى متَّفقاً، فاكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب، وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدروا بذلك على تحفظ ألفاظه، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوا بخلافها. وقال ابن عبد البرِّ فبات بهذا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقف خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثمَّ ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد (?).

وقال الطبري: إن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة، وإنما كان جائزاً لهم، ومرخصاً لهم فيه، فلما رأى الصحابة: أن الأمة تفترق، وتختلف ـ إذا لم يجتمعوا على حرف واحد ـ أجمعوا على ذلك إجماعاً شائعاً، وهم معصومون من الضلالة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015