التي يتطلبها هذا الدور الضخم، بما في ذلك من جهاد في عالم النفس وجهاد في عالم الواقع، وتضحيات ثقال ..

وقد سارت السورة في طريقها هذا، في كل حلقاتها الماضية، وبقيتها في هذا الجزء، بقية من هذا المنهج، على نفس الطريق ..

يبدأ هذا الجزء بطرف من تطهير النفس وتطهير المجتمع، وإشاعة الثقة في جو الجماعة المسلمة، واستبعاد قالة السوء فيها - مع الانتصاف من الظلم - والحض على العفو والسماحة، وتقرير أن الله لا يحب الجهر بالسوء - إلا من مظلوم ينتصف لظلمه - ومع هذا فإنه سبحانه يحب العفو عن السوء، وهو «عفو» «قدير».

ثم بيان لطبيعة التصور الإسلامي، الذي يجعل دين الله واحدا، ويجعل رسل الله موكبا يحمل هذا الدين الواحد ويجعل التفرقة بين الرسل، والتفرقة بين ما جاءوا به كفرا صراحا .. هذا البيان يجيء بصدد التنديد باليهود - من أهل الكتاب - الذين ينكرون النبوة والأنبياء - بعد أنبيائهم - تعصبا وحقدا.

ومن هنا تبدأ جولة مع اليهود تكشف عن تعنتهم مع نبيهم وقائدهم ومنقذهم: موسى - عليه السلام - مما يكشف عن طبيعة السوء فيهم، وموقفهم تجاه الحق ودعوته أيا كان الداعي إلى هذا الحق ولو كان هو نبيهم الأكبر موسى، وكذلك موقفهم من عيسى عليه السلام وأمه وإطلاق قالة السوء فيها - مما يكرهه الله ولا يحبه - فيبدو عندئذ موقفهم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن دعوة الحق الأخيرة مفهوما ومكشوفا!

وبمناسبة دعاوى اليهود على المسيح عليه السلام، وتبجحهم بقتله! يقرر القرآن حقيقة الأمر، وطبيعة هذا الزعم. ويذكر كيف عاقب الله اليهود على ظلمهم وصدهم عن سبيل الله، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه، وأكلهم أموال الناس بالباطل .. بحرمانهم من بعض الطيبات التي أحلت لهم في الدنيا، وبالعذاب الأليم الذي ينتظرهم في الآخرة. مستثنيا الراسخين في العلم والمؤمنين الذين عرفوا الحق وآمنوا به واتبعوه، ويرد على تكذيب اليهود برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقرير أنها أمر طبيعي مألوف لا يثير عجبا ولا غرابة ولا استنكارا. إذ هو جاء على سنة الله في إرسال الرسل للبشر من لدن نوح عليه السلام ثم إبراهيم وإسماعيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015