الْبَحْر وإنشقاق الْقَمَر ونبع المَاء من بَين الْأَصَابِع وَضرب يكون من جنس مَقْدُور الْبشر إِلَّا أَنهم يمْنَعُونَ من فعله وَلَا يقدرُونَ عَلَيْهِ

فَلَو أَن نَبيا ادّعى أَنه رَسُول الله وَاسْتدلَّ على صدقه بِأَن قَالَ لِقَوْمِهِ آيتي أَلا تقدروا الْيَوْم على الْقيام فَكَانَ ذَلِك فَهَذَا دَلِيل صدقه وَهُوَ معْجزَة جلية أبلغ فِي الإعجاز من الْإِتْيَان بِمَا لَيْسَ بمقدور وَلَا يبعد أَن يكون إعجاز الْقُرْآن من هَذَا الْقَبِيل فَإِن الْبشر قد صرفُوا عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ بل عَن الْإِتْيَان بِآيَة طَوِيلَة من آيَاته وَمن تنَازع فِي ذَلِك فَعَلَيهِ بِأَن يأتى بقرآن مثله أَو بِسُورَة من مثله وَهَذَا من خَصَائِص نَبينَا صلى الله عيه وَسلم

وَذَلِكَ أَن معجزته مَوْجُودَة بعده وحاضرة مُشَاهدَة فِي كل وَقت لم تَنْقَطِع بإنقطاع وجوده وَلَا مَاتَت بِمَوْتِهِ بل هِيَ مَوْجُودَة مستمرة إِلَى قيام السَّاعَة فَكل من أبدى نكيرا فِي نبوته أَو قدحا فِي رسَالَته قُلْنَا لَهُ إِن كنت صَادِقا فِي تكذيبك لَهُ فعارض قرآنه ومنزله فَإِن لم تفعل تبين الْعُقَلَاء مِنْهُ أَنه متواقح مُبْطل

ثمَّ نقُول وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَكثر عُلَمَائِنَا أَن الْقُرْآن خَارج عَن مَقْدُور الْبشر وَلَيْسَ من جنس مقدورهم وَأَن الْقُرْآن وَإِن كَانَ كلَاما فَلَيْسَ بَينه وَبَين كَلَام الْعَرَب من الْمُنَاسبَة والإلتقاء إِلَّا مَا كَانَ بَين الْحَيَّة الَّتِي انقلبت عصى مُوسَى عَنْهَا وَبَين حيات السَّحَرَة الَّتِي كَانَت تخيل للنَّاظِر إِلَيْهَا أَنَّهَا حيات تسْعَى

ووجوه إعجازه كَثِيرَة لَكنا نبدي مِنْهَا أَرْبَعَة ونقتصر عَلَيْهَا لبيانها وظهورها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015