من عبادة العباد الى عبادة الله وحده ويخرج الناس جميعا من ضيق الدنيا الى سعتها ومن جور الاديان الى عدل الاسلام {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (?) فلم يكن خطابه لأمة دون أمة ووطن دون وطن، ولكن كان خطابه للنفس البشرية والمصير الإنساني، وكانت أم القرى لموقعها الجغرافي واستقلالها السياسي خير مركز لرسالته وكانت الأمة العربية بخصائصها النفسية ومزاياها الأدبية خير محل لدعوته وخير داعية لرسالته.

لم يكن صلى الله عليه وسلم من عامة المصلحين فحسب، بل أتى بالإصلاح الشامل لجميع نواحي الانسانية، أتى بالإيمان بالله وحده، ورفض الأوثان والشرك والكفر والطاغوت والظلم والبغي بكل معانى الكلمة، وقام في القوم ينادى (أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) ودعاهم إلى الايمان برسالته والايمان باليوم الآخر.

أدرك عباد الاوثان والشهوة والمادة عندما قرع أسماعهم صوت النبي صلى الله عليه وسلم أن دعوته الى الايمان بالله وحده سهم مسدد الى كبد الجاهلية، فقامت قيامتها ودافعت عن تراثها، وقاتلت في سبيلها قتال المستميت {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} (1) ووجد كل واحد من هذا المجتمع الجاهلي نفسه مهددة، وحياته في خطر، وهنا وقع ما تحدث عنه التاريخ من حوادث الاضطهاد والتعذيب، وكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه أصاب الغرض، وضرب على الوتر الحساس، وأصاب الكفر في صميمه، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته ثبوتا دونه ثبوت الراسيات لا يثنيه أذى ولا يلويه كيد ولا يلتفت الى اغراء مكث صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر حجة يدعو الى الله وحده، والايمان برسالته واليوم الآخر لا يكنى ولا يلوح ولا يلين، ولا يستكين، ولا يحابى. ولا يداهن ويرى في ذلك دواء لكل داء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015