الاسلوب (صفحة 8)

ومع ذلك لا تعد العامية لغة رسمية ولا يعد أدبها أدبًا رسميًّا يدرس على أنه مقرر يحتذيه المتعلمون لسببين اثنين:

أحدهما: شيوع الخطأ اللفظي والخروج على قوانين النحو والتصريف وعدم التحرج في قبول كل دخيل أو أعجمي من الألفاظ والتراكيب، حتى هجر فيها النحو العربي، وخضعت العبارات لصور أجنبية في تأليف الجمل، وتكوين الأساليب.

ثانيهما: ما غلب على معانيها من التفاهة والعرف، فأغلبها أوامر ونواه وأخبار عادية تتصل بالحياة الجارية، وتتكرر كل وقت، وكل يوم مما لا يستحق درسًا أو تقييدًا: والأدب يجمع بين أمرين:

1- صحة اللفظ.

2- وقيمة المعنى أو سموه، حتى يستحق أن يسمع أو يقرأ في كتاب.

وليس معنى هذا خلو العامية من الألفاظ الصحيحة أو المعاني القيمة، كلا، فاللغة العامية هي الفصحى طرأت عليها أخطاء، ودخلت عليها تراكيب، لم تستطع أن تمحو صوابها كله، كذلك نجد فيها فنونا أدبية من النثر والنظم -كالجدل والحكم والأمثال والأغاني والمواويل والأزجال- تجعلها معرضا لكثير من المعاني والموضوعات الأدبية القيمة، ولكنها من الأدب الشعبي على أية حال. ولسنا بذلك ننكر قيمة هذا الأدب في جماله وتصويره حياة الشعوب لذلك قامت له دراسات خاصة تقابل دراسات الأدب الفصيح.

3- أما اللغة الفصحى، التي لم تشوه بهذه الأخطاء اللفظية، فهي لغة الأدب الرسمي، يعتمد عليها الكتاب حين يريدون التعبير عن الأفكار أو تصوير الشعور؛ أو تأليف المسائل والآراء العلمية إذا كانت الفن الكلامي الذي يؤدي ما في النفوس من ثرات العقول ونوازع الانفعال والميول، فإذا حاولنا الظفر بمثال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015