الاسلوب (صفحة 7)

ونحمل الطلاب على تأثره أو الانتفاع به، ونزودهم بالوسائل تعينهم على فهمه وتذوقه، وعلى الإنشاء الأدبي الصحيح.

2- اللغة العامية هي لغة الحياة العامة، والتعاون الاجتماعي اللازم لسير الحياة السريعة ونظامها المطرد الشامل، وذلك لسهولتها وشيوعها، ولأنها القدر المشترك بين جميع الطبقات، فالكل يعرفها ويلجأ إليها في حرية ويسر، ولما كانت لغة الشعب ومن صنعه فقد أخضعها لحريته، وأزال عنها القيود العلمية والاصطلاحية وأعانها على أداء مهمتها كما تتطلب الحياة الجارية، فصارت لغة مرنة طيعة قابلة للتطور السريع، لا تنفر من لفظ دخيل، أو تركيب غريب، وإنما تقبله وتشربه روحها فيصقله الاستعمال ويصبح مألوفًا مقبولا، ومن الطبعي إذًا أن تختلف هذه اللغات العامية العربية باختلاف الأقطار والأقاليم وذلك لنفس الأسباب التي اختلفت من أجلها اللغات القديمة حين انفصلت من أصولها الأولى.

فأهل مصر لهم عاميتهم، وأهل العراق لهم عاميتهم، وكذلك المغاربة، كما أن لأهل الصعيد لغتهم العامية التي تخالف لغة سكان الشمال، الذين يختلفون هم أيضًا في عاميتهم، باختلاف الأقاليم، ومعنى هذا أن العامية توشك أن تكون هي اللغة القومية لكل قطر من أقطار الشرق العربي، تتأثر بجوه، وطبيعته، ومزاج أهله، وثقافتهم وأخلاقهم، وتعود بذلك سجل حياتهم الصادق وأقدر على تشرب روحهم وتصوير أفكارهم ونزعاتهم، حين عجزت الفصحى أو عجزوا هم عن أن يلبسوها من شخصيتهم ثوبًا قوميًّا طريفًا ممتازًا. لذلك نشأت هذه الدراسات الحديثة التي تعنى بالعامية فتقيد ألفاظها، ونحوها، ولهجاتها، وآدابها نظمًا ونثرًا، إما لأنها طور من أطوار التاريخ اللغوي والأدبي والاجتماعي، وإما لأنها قد تكون أساسا لهذه اللغات الإقليمية التي قد ينتفع بها فيما بعد كما يرى بعض المفكرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015