أنتظر أن تكون أنت أخي، نعم ـ أُخيَّ ـ كن أنت أخ لكل من ترجو منه نظير ذلك تجنِ جزاءك وفاقا.

إخوتاه ..

لعل مثل هذا الكلام يمر على خاطركم فتستشعرونه هنيهة ثم لا تلبثون بعد ذلك أن تنطلقوا إلى مألوف ما استمرأت عليه الأنفس، لعل بعضكم يجد في هذا الحديث تهويلا، في نوع من معايشة الأكاذيب والأوهام التي نحاول تصديقها فرارا من الجزع واليأس، وطامة هؤلاء أن تعلقت قلوبهم بالنتائج وسرعة جني الثمار، والأصل أننا نبني ولو لبنة، ونزرع ولو بذرة، ثم الأمر كله لله نفوضه إليه، ولكن نبقى دائما نمحص الدعوة، ونتهم أنفسنا، ونلقي باللائمة علينا، فنحن لا نعمل للناس، نحن نعمل من أجل رب الناس، وتوفيقه مرهون بإصلاحنا لأنفسنا، فلا يضيرك بعدها شيء لأنك اخترت الله فمحاولة النقد الذاتي ليس فيها تعجيز ولا تهوين ولا شرخ للصف، بل هي محاولة لتمحيص النوايا وتجديد الإيمان الفينة بعد الفينة بالمواجهة الصريحة ولا نعبأ بعد ذلك بقول قائل فإننا لا نرضي سوى ربنا.

وقد يتلقى بعضنا مثل هذه الدعوات بنفس جزعة، لا تنزع من قولة " ليت "، ولسان حالهم كما قالت العرب قديما: "قد كان ذلك مَرَّة فاليوم لا "، وهؤلاء مرضى الجزع لا صبر لهم البتة، والخطب ما زال هيناً فما يدريك والبلية أعظم " هذا ولما ترى تهامة!! " وامتحان الإيمان في الصبر " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ " [آل عمران/165] نعم إنَّ مصابنا الآن في فقدان إخواننا الذين افترستهم الدنيا حتى تكاد تعدم الحبيب في الله، إنَّ تلك البلية تحتاج إلى تصحيح للنيات من جديد، وبداية لصحوة جديدة قبل أن تهلكنا الدنيا، والتي عادت كأن لم يعد شيء سواها يهمنا.

لا .. لا إخوتاه لسنا لمثل هذه ننتسب، لسنا حاملي هذه الجنسية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015