ومن لم يعمل «الطعام» عمل الفعل كان «الطعام» عنده عيناً كقوله: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) (?) تقديره عنده: على إطعام طعام المسكين، لا يكون إلا كذلك، لأن الحض لا يقع على العين، والطعام على هذا منصوب الموضع، بالإطعام المراد، وإضافة الطعام على هذا إلى المسكين، هو للملابسة بينهما.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ) (?) .

التقدير: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب بنيه.

ومن حذف المفعول قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) «3» أي:

غير باغ الميتة قصداً إليها، أي: لا يطلبها تلذذاً بها، واقتضاءا لشهوة، ولا يعدو حد ما يسد به رمقه، فحذف المفعولين من «باغ» و «عاد» .

والتقدير: فمن اضطر فأكل الميتة غير باغيها ولا طالبها تلذذاً بها فانتصاب قوله «غير باغ» على الحال من الضمير الذي في «أكل» المضمر، لدلالة الكلام عليه. ألا ترى أن المنصوب يقتضي الناصب. وفي الآية إضمار الجملة، وإضمار المفعولين.

فإن قلت: فلم لا تجعل «غير باغ» حالاً من الضمير في «اضطر» دون الضمير في «أكل» ؟ فإن الآية سيقت في تحريم أكل الميتة.

ألا ترى أن قبل الآية: (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) «4» ثم عقب التحريم بقوله: (فَمَنِ اضْطُرَّ) ، فوجب أن يكون التقدير: فأكل غير باغ بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015