وإذا لم تحمله على «أكل» ، وحملته على «اضطرّ» ، لم يكن لقوله «باغ» مفعول، و «باغ» متعد.

ألا ترى قوله: (تَبْغُونَها عِوَجاً) (?) والتقدير: تبغون لها عوجاً.

فإن قيل: لا يكون «باغ» هاهنا بمعنى: الطالب، وإنما يكون من قوله:

(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ) (?) . فيكون التقدير في الآية:

فمن اضطر غير باغ على الإمام، ولا عاد على الأمة بقطع الطريق.

قلنا: أنك في هذا القول أضمرت الجار والمجرور، ونحن أضمرنا المفعول، وكلاهما وإن جاء في التنزيل، فإضمار المفعول أحسن، لأنه أقرب وأقل إضماراً، على أن الآية في ذكر الميتة، وليس من ذكر الإمام والأمة في شيء.

وأبداً إنما يليق الإضمار بما تقدم في/ الكلام حتى يعود إليه، ولا يضمر شيء لم يجر ذكره، والآية متعلقة به، فجميع ما جاء في التنزيل من قوله: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (?) إنما جاء عقيب ذكر الميتة، وتحريم أكلها، ولم يأت في موضع بعد حديث الإمام والأمة، فما بال العدول عن نسق الآية إلى إدخال شيء في الكلام، وإضماره، ولم يجر له ذكر، فانتصاب «غير» إنما هو على الحال من الضمير في «أكل» لا فى «اضطرّ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015