اعتاب الكتاب (صفحة 128)

فكانا يتنافسان فيها، فلما تقلد إسماعيل الوزارة ملك الجارية وأحسن إليها، ثم سألها يوماً: هل في نفسك شيء لم تبلغيه؟ فقالت: قد بلغت كل ما أُحب وزيادة، ولم يبق في نفسي إلا قدح بلور مصنوع مورد كان عند الحسن بن رجاء، فكنت إذا زرته ناولنيه، فتقدم أبو الصقر إلى أبي بكر ابن أُخته بإحضار الحسن ومطالبته بالقدح عفواً أو عسفاً؛ فركب أبو بكر إليه، وجلس عنده، فحادثه ثم قال له: قد جئتك في حاجة وما أحسبك تردني عنها، فقال له: كل ما عندي فلك! قال: قدح البلور المورد تمنحني إياه. قال: قد انكسر! قال: فأعطني كسره! فقال: ما ظننت أني أُطالب بزجاج قد انكسر فأحتفظ به! فقال: إن هذا الرجل قد صارت له يد وسلطان، ولأن تهديه إليه وتمتن عليه أحسن من أن تكاشفه وتعاديه! فقال: أما لسؤالك فأفعل، ولكن على شريطة، توصل لي معه أبياتاً، فقال: أفعل، فأنفذ إليه القدح ومعه رقعة فيها أبيات:

سلّم على أربع بالكرخ تقلاها ... من أجل جاريةٍ فيهنّ أهواها

تمكنت نوب الأيّام منك بها ... والدهر إن أسلف الحسنى تقاضاها

يا بؤس قلبك ما أقصى مراميه ... وشجو نفسك ما أدنى بلاياها

وطيب عيشٍ مضى ما كان أحسنه ... لو أنّ أيامنا منه نملاّها

إليك أشكو أبا بكرٍ هوىً بجوىً ... أطعته مرضياً نفسي فعاصاها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015