. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الكافر، فلا يصح أمانه لانهم متهم، وبمختار المكره، وبما بعده الصبي والمجنون والاسير، فلا يصح أمانهم.

وخرج بالمحصورين غيرهم.

وضابطه أن يؤدي الامان إلى إبطال الجهاد في تلك الناحية، فلا يصح من الآحاد حينئذ أمان، لابطاله شعار الدين وأعظم مكاسب المسلمين، وإنما ينعقد الامان بإيجاب صريح: كأمنتك، وأجرتك، ولا تخف، ولا بأس عليك، أو كناية نحوكن كيف شئت.

ومنها الكتابة، وبقبول للامان ولو بما يشعر به كترك القتال.

ويدخل في الامان للحربي بدارنا، ماله وأهله من ولده الصغير والمجنون وزوجته إن كان بدارنا، وكذا ما معه من مال غيره إن كان المؤمن له

الامام.

فإن أمنه غيره لم يدخل أهله ولا ما يحتاجه من ماله إلا بشرط دخولهما، وكذا يدخلان فيه إن كانا بدارهم، وشرط دخولهما إمام لا غيره.

وأما الجزية فتختص بالامام أو نائبه كالهدنة، وهي لغة اسم لخراج مجعول على أهل الذمة، وشرعا مال يلتزمه كافر بعقد مخصوص.

والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) * وما رواه البخاري من أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر وقال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب وما رواه أبو داود من أخذه لها من أهل نجران.

وفسر إعطاء الجزية في الآية بالتزامها بالعقد والصغار فيها بالتزام أحكامنا التي يعتقدونها كحرمة زنا وسرقة، بخلاف التي لا يعتقدونها كحرمة شرب مسكر، ونكاح مجوسي محارم، فإنهم لا يلتزمونها، لانه لا يلزمهم الانقياد إلا للاحكام التي يعتقدونها.

وأركانها خمسة: عاقد، ومعقود له، ومكان، ومال، وصيغة.

وشرط فيها ما مر في البيع من نحو إتصال الايجاب بالقبول، وهي إيجابا كأقررتكم، أو أذنت في إقامتكم بدارنا على أن تلتزموا كذا وتنقادوا لحكمنا، وقبولا كقبلنا ورضينا.

وشرط في العقاد كونه إماما أو نائبه، فلا يصح عقدها من غيره لانها من الامور الكلية، فيحتاج إلى نظر واجتهاد، وشرط في المعقود له كونه متمسكا بكتاب كتوراة وإنجيل وزبور حرا ذكرا غير صبي ومجنون.

وشرط في المكان قبوله للتقرير، فيمنع كافر ولو ذميا إقامة بالحجاز، وهو مكة والمدينة واليمامة وطرقها وقراها كالطائف لمكة، وخيبر للمدينة.

وشرط في المال عند قوتنا كونه دينارا فأكثر كل سنة عن كل واحد، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: خذ من كل حالم - أي محتلم - دينارا رواه أبو داود وغيره.

ويسن للامام أن يشاحح غير الفقير عند العقد في قدر ما يعقد به، بأن يقول للمتوسط لا أعقد إلا بدارين، وللموسر لا أعقد إلا بأربعة دنانير.

ويسن للامام أيضا أن يشرط عليهم الضيافة لمن يمر عليهم من المسلمين المجاهدين وغيرهم.

ويتضمن عقد الجزية أربعة أشياء: أحدها: أن يؤدوا الجزية بالذلة والصغار.

ثانيها: أن تجري عليهم أحكام المسلمين فيضمنون ما يتلفونه عليهم من نفس ومال.

ثالثها: أن لا يذكروا الاسلام إلا بخير.

رابعها: أن لا يفعلوا ما فيه ضرر على المسلمين، كرفع بناء لهم على بناء جار مسلم، وكإيوائهم من يطلع على عورات المسلمين، وكدلالتهم أهل الحرب على عورة لنا، وكدعائهم مسلما للكفر، وكزنا ذمي بمسلمة، فإن فعلوا ذلك إنتقض عهدهم.

ويجب على الإمام إذا اختلطوا بنا أن يأمرهم بلبس الغيار، وهو تغير اللباس، بأن يخيط الذمي على ثوبه شيئا يخالف لون ثوبه، وشد الزنار - وهو خيط غليظ يشد في الوسط فوق الثياب - وبغير ذلك مما هو مذكور في المطولات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015