أقول: لم يذكر الدكتور ماهر دليلا على حكم ابن حجر على الراوي أنه ثقة، أما ذكر ابن حبان إياه في الثقات، فقد رد الدكتور ماهر على صاحبي التحرير احتجاجهما به في توثيق عمار بن سعد القرظ، وقال: "لم يؤثر في الراوي توثيق، سوى ذكر ابن حبان له في الثقات، وهو مشهور بتوثيق المجاهيل "، فلماذا قبل توثيق ابن حجر لهذا الراوي، وليس فيه إلا ذكر ابن حبان له في الثقات؟!

وأمر آخر يتعلق بماذكره الدكتور ماهر من أن هذا الراوي له حديث واحد في الكتب الستة، ومع ذلك وثقه ابن حجر، ونسي الدكتور ماهر ماردده كثيرا في كتابه، وهو قوله في الرد على صاحبي التحرير في ترجمة عيسى بن عبدالله العمري الذي قال فيه ابن حجر:"مقبول"، وقال فيه صاحبا التحرير:"صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في الثقات، ولانعلم فيه جرحا" وذكر الدكتور ماهر أن هذا الراوي ليس له سوى حديث واحد في ابن ماجه، وقال: إن منهج الحافظ ابن حجر لقليل الحديث، ولم يؤثر فيه توثيق معتبر أن يطلق عليه مصطلح "مقبول"، إذن فلا اعتراض على الحافظ في ذلك (كشف الإيهام/512)، أقول: فلماذا أطلق على هذا الراوي "ثقة"، وهو ليس له إلا حديث واحد؟!

ثم ناقض الدكتور ماهر نفسه أيضا في تعقب 361/ 4006 ص 451 في ترجمة عبدالرحمن بن مصعب الذي قال فيه ابن حجر: "مقبول"، فتعقبه صاحبا التحرير بقولهما:" بل: صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع غفير من الثقات، وقال ابن سعد: كان عابدا ناسكا، وحسن الترمذي حديثه "، فتعقبهما الدكتور ماهر، وقال فيما قاله: " ثم إن كلام ابن سعد لا يعني توثيقا بحال، نعم الرجل كان صالحا، ولكن الحديث شيء آخر.

للحرب رجال قد خلقوا لها وللدواوين كتَّاب وحسَّاب

فصلاح دينه لايقتضي ثقته – والمحرران يعلمان ذلك جيدا قبل غيرهما – ولكنه حب استمالة القراء، ولو بحشو الكلام الذي لاتعلق له بالموضوع، ولادلالة علمية فيه!! "

أقول:

أولا: البيت الذي ذكره مكسور، وصوابه من حيث الوزن:

للحرب والضرب أقوام لها خلقوا وللدواوين كتاب وحساب (الإرشاد في معرفة علماء الحديث 2/ 525)

أو

وللحروب رجال يعرفون بها وللدواوين كتاب وحساب (فتاوى السبكي 1/ 449)

أو

فللحروب أناس قائمون بها وللدواوين كتاب وحساب (بدائع الفوائد 2/ 388)

أو

وللحديث رجال يعرفون به وللدواوين كتاب وحساب (فتح المغيث 1/ 44)

ثانيا: عبدالرحمن بن مصعب بن يزيد الذي رفض الدكتور ماهر حكم صاحبي التحرير عليه بأنه صدوق؛ ذكره الذهبي وقال: " وما أعلم فيه جرحاً، قال ابن سعد: كان عابداً ناسكاً يكنى أبا يزيد (تاريخ الإسلام 15/ 257)، وقال في الكاشف: لم يضعف (1/ 644)، وذكر ابن حجر حديثا له، وقال: هذا حديث حسن (الأمالي المطلقة /196).

ثالثا:اعترض الدكتور ماهر على احتجاج صاحبي التحرير بعبارة ابن سعد بأنها ليس فيها توثيق، وقد صدق، فلماذا احتج بقول ابن سعد في الراوي الأول: " كان معروفا قليل الحديث "، وهذه ليست توثيقا أيضا، ومع ذلك قال: "وهذا القدر مع توثيق ابن حبان (4/ 360) يكفي "، مع أن ابن حبان لم يصرح بتوثيقه، وإنما ذكره فقط في كتابه، وكم عاب الدكتور ماهر صاحبي التحرير إذا عبرا عن ذلك بقول "وثقه ابن حبان "، وقد فعل هنا ماعابهما عليه كثيرا.

إن مقتضى فعل الدكتور ماهر في هذه الترجمة أن كل من ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه اثنان، ولم يتكلم فيه أحد أنه ثقة.أما قول ابن سعد فليس توثيقا.

فشريك بن حنبل عند الدكتور ماهر ثقة، وهو لم يرو عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد فيه:" كان معروفا قليل الحديث". قال الدكتور ماهر: "وهذا القدر مع توثيق ابن حبان يكفي "

فمادام هذا القدر يكفي للحكم على الراوي بأنه ثقة فلماذا اعترض على صاحبي التحرير في توثيق من توافر فيه أكثر من القدر المطلوب عند الدكتور ماهر، والأمثلة على ذلك كثيرة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015