إن الذي يرى طريقة الدكتور ماهر في تعقباته على التحرير وشدته فيها يظن أن الدكتور ماهرا يرى صحة جميع أحكام الحافظ ابن حجر على الرواة في التقريب، وأنه لا يجوز انتقاده، ولا تعقبه في أي حكم من أحكامه، فإن كان الدكتور ماهر يرى ذلك فهذا شيء لا يوافقه عليه أحد من أهل الحديث اليوم فيما أعلم، فما من محدث إلا وله مخالفات لبعض أحكام الحافظ، فالشيخ الألباني رحمه الله خالف الحافظ في جملة من أحكامه، والشيخ ابن باز رحمه الله له مخالفات وتعقبات على بعض أحكام ابن حجر مذكورة في كتابه النكت على تقريب التهذيب، وكتاب أقوال سماحة الشيخ ابن باز في الرجال لفهد السنيد، والشيخ عبدالله السعد يخالف الحافظ في كثير من أحكامه، وكثير من طلاب الدراسات العليا في جامعة الإمام وغيرها من جامعات المملكة في رسائلهم العلمية يخالفون الحافظ في بعض أحكامه، وغير هؤلاء كثير.

والمقصود أنه لا ينكر على صاحبي التحرير أصل موضوع كتابهما، وهو مخالفة الحافظ في بعض أحكامه، وإن وقعا في أخطاء وأوهام كثيرة في كتابهما فقد أصابا في مواضع عديدة في تعقباتهما للحافظ.

وقد سئل شيخنا الدكتور أحمد معبد حفظه الله عن كتاب تحرير التقريب فقال: كتاب "تحرير التقريب" فيه أحكام كثيرة خالف فيها أحكام الحافظ في "التقريب"؛ ولكن كثيرا من تلك المخالفات ليس لها مستند علمي، وهناك تراجم متعددة تعد مخالفة الحافظ فيها في محلها، ويعد حكم كتاب "التحرير" على الراوي مقبولا. وقد صدر للأخ الدكتور ماهر الفحل كتاب، نشرته دار الميمان للطبع والنشر بالرياض، ويقع في مجلد بعنوان"كشف الأوهام لما تضمنه تحرير التقريب من الأوهام"، وهذا دليل تفصيلي على مدى سلامة ما في "تحرير التقريب "؛ فالتحرير 4 أجزاء، و"كشف الأوهام" جزء واحد يعادل من حيث الكم ربع كتاب "التحرير"، وقد وقفت على الكتابين لكن حاليا لم تكتمل لدي نتيجة عامة لكل منهما؛ لكن النتيجة الأهم أن الكتابين يستفاد من كل منهما، بحسب ما تؤيده الدلائل والقواعد النقدية من أحكامهما أما مقولة:"هل الحافظ ابن حجر لم يحرر التقريب؟ "، فمن يقارن "تهذيب التهذيب" بما في "التقريب " من أحكام إجمالية على الرواة فسيجد أن كثيرا من التراجم لا يتوافق فيها حكم "التقريب" مع مجموع ما ذكره الحافظ نفسه في بيان حال الراوي في "التهذيب"، وبالتالي تكون خلاصة حال مثل هؤلاء في "التقريب" تحتاج إلى تعديل وتحرير ممن له الخبرة الكافية، مع التزام الإنصاف والاعتدال، ومثل هؤلاء قليل، والله الموفق. (نقلته من موقع الألوكة).

وقال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: و"التقريب" محتاج إلى إعادة نظر، فربما يقول فيه:"مقبول" وتجد ابن معين قد وثقه، أو على العكس يقول:"ثقة" ولا تجد إلا العجلي أو ابن حبان، فنحن أعطانا الشيخ محمد الأمين المصري رحمه الله تعالى عشرة عشرة، كل واحد عشرة ممن قيل فيه "مقبول"، فالذي تحصل لي أن "التقريب" يحتاج إلى نظر. ونحن لا نرجع إلى "التقريب" إلا إذا رأينا للعلماء المتقدمين عبارات مختلفة لا نستطيع التوفيق بين عبارتهم، نرجع إلى "التقريب" ونأخذ عبارة صاحب "التقريب". (المقترح للوادعي /37).

وقال الشيخ محمد عوامة، وهو الذي أثنى عليه الدكتور ماهر في كتابه في كثير من المواضع، وقال في ص 407: "وهو عندي ثقة صدوق لا أشك في علمه ولا أمانته " قال الشيخ محمد عوامة في مقدمة تحقيقه للتقريب: أقصد تقديم نماذج مما في أحكام الكتاب ومراتب رجاله؛ ليكون القارئ المستفيد منه على بصيرة من أمره، فلا يمشي وراء من اصطنع مفهوما للناس زعم لهم فيه أن كتاب التقريب لا عديل له ولا بديل عنه .. فمن واجب الباحث أن يفرغ جهده في البحث عن الراوي، ولا يكفيه أن ينظر في كتاب واحد، وهو يعلم أن فيه بعض الملاحظات أو أن غيره قد يخالفه. وهذه النماذج من الأحكام والمراتب مختلفة مع ما التزمه المصنف ورسمه في هذه المقدمة ومع ما سطره وفصله في التهذيب أو في كتبه الأخرى، أو مع أحكام غيره من العلماء.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015