(1) اقتصر الباحث على جمع الأحاديث، ونقل كلام البخاري عليها، ولم يقم بدراسة هذه الأحاديث، أو تخريجها تخريجاً علمياً، إلا أنه نقل أقوال النقّاد في علل حديث "هو الطهور ماؤه" فقط (1)، أما تخريجه لباقي الأحاديث فكان إشارات سريعة لبعض المصادر فقط.

(2) لم يفرّق الباحث بين الألفاظ التي تدل على الحكم بصحة الحديث، والألفاظ التي تدل على ترجيح رواية على أخرى، أو تدل على نفي الوَهَم عن الراوي، كقوله: "الصحيح عن فلان" عند المقارنة بين إسنادين، أو قوله: "المحفوظ كذا"، وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً في كتابه.

(3) رغم أنه ذكر أن قول البخاري "أصح شيء في الباب" لا يعني الحكم بصحة الحديث بالضرورة، "فقد تكون أحاديث الباب ضعيفة، وهذا الحديث أقلها ضعفاً" (2)، إلا أنه خصص باباً لها في كتابه، وأضاف إلى الكتاب باباً فيه مجموعة ألفاظ ذكر أنها لا تدل على التصحيح فليست هي على شرط كتابه (3).

وكان اللائق بهذين البابين أن يضعهما في الكتاب الذي أفرده في العلل، وإلا فماذا سوف يذكر في كتابه الذي خصصه لكلام البخاري في العلل؟! (4).

(4) أدخل في ألفاظ التصحيح قوله: حديث حسن، استحسنه، الخ … وهذا فيه نظر؛ لأنه حَمَل مصطلح البخاري على المعنى المعروف الذي استقر بعده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، فهذا أول من عُرف أنه قسّمه هذه القسِمة أبو عيسى الترمذي، ولم تُعرف هذه القِسمة عن أحد قبله … وأما من قبل الترمذي من العلماء فما عُرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي، لكن كانوا يقسّمونه إلى صحيح وضعيف …" (1).

وبناءً عليه فإن معرفة المقصود من قول البخاري: حديث حسن يحتاج إلى بحث مستقل يقوم على الاستقراء التام للأحاديث التي حكم عليها البخاري بلفظ الحسن، وقد بحث بعض أهل العلم طائفة من هذه الأحاديث، وخرج بنتيجة مفادها: أنه يطلقه على الصحيح، والضعيف، وفي كثير من الأحيان يطلقه على الفرد الغريب سواء تفرد به ثقة أم ضعيف (2)، والخلاصة: أن الجزم بشيء يحتاج إلى استقراء تام، وتجرّد للحقيقة دون تعصب لقول إمام.

(5) عدّ الباحث قول البخاري: جوّد فلان هذا الحديث تصحيحاً للحديث وجعله في الباب الأول من كتابه، وقد فسّر هذا الحكم بقوله: "وهو بمعنى أن الحديث جاء جيداً من طريق هذا الراوي" (3).

لكن المعروف عن النقّاد أنهم يطلقون التجويد مقابل التقصير، فيقولون: جوّده فلان، وقصّر به فلان، إذا تعارض الوصل والإرسال أو الانقطاع في حديث، فالواصل جوّده، والمرسِل قصّر به، إذا كان الوصل صواباً، أو أن يكون كلاهما محفوظ، وهذا ما يدل عليه عمل النقّاد (4)، كأبي حاتم (5)، والدارقطني (6)، وغيرهم، ومن تأمل الحديثين اللذين قال فيهما البخاري ذلك، تبيّن له انطباق هذا المعنى عليهما (7).

أما السيوطي فله فهم آخر لمصطلح التجويد عند النقّاد، فيقول بعد أن تكلم عن تدليس التسوية: "والقدماء يسمّونه تجويداً، فيقولون: جوّده فلان، أي ذكر من فيه من الأجواد، وحذف غيرهم" (8)، لكن الأحاديث التي قال فيها النقّاد ذلك لا تساعد على هذا الفهم، والله أعلم.

خطة البحث:

أما عن خطة البحث فقد جعلتها في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، ثم أتبعتها بفهرس الرواة المترجمين، والمصادر والمراجع.

المقدمة، وتشمل: التعريف بالدراسة وأهدافها، ومنهج البحث فيها، وأسباب اختيار الموضوع، والصعوبات التي واجهتني في البحث، ثم الدراسات السابقة، ثم خطة البحث.

التمهيد، وجعلته في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الإمام البخاري، واهتمامه بالحديث الصحيح.

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: ترجمة الإمام البخاري بإيجاز.

المطلب الثاني: اهتمام الإمام البخاري بالحديث الصحيح.

المطلب الثالث: شروط الحديث الصحيح عند الإمام البخاري في الجامع الصحيح

المطلب الرابع: منهج الاختصار في الجامع الصحيح.

المبحث الثاني: بين تصحيح الأحاديث، والترجيح بين رواياتها.

وفيه مطلبان، هما:

المطلب الأول: مفهوم تصحيح الحديث، واللفظ الدال على ذلك.

المطلب الثاني: مفهوم الترجيح بين الروايات، والألفاظ الدالة على ذلك.

المبحث الثالث: ما صححه البخاري، وتجاذبت تصحيحه احتمالات الترجيح والتصحيح.

وفيه مطلبان، هما:

المطلب الأول: حديث حمل بن مالك في المرأتين اللتين قتلت إحداهما الأخرى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015