http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15846

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[13 - 09 - 08, 07:17 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

مثال:5

نقل أحد الأخوة في الألوكة كلام الشيخ المعلمي رحمه الله تعالى، التالي:

بل إن في الصحيحين أو أحدهما، أحاديث قد انتقدها الحفاظ، مثل حديث البخاري: ((حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)).

فهذا الحديث قد تكلم فيه الذهبي في ((الميزان)) في ترجمة خالد بن مخلد. وخالد بن مخلد قال فيه الإمام أحمد: له أحاديث مناكير. وقال ابن سعد: كان متشيعاً، منكر الحديث، في التشيع مفرط، وكتبوا عنه للضرورة.

وقال صالح جزرة: كان ثقة في الحديث، إلا أنه كان متهماً بالغلو.

وقال ابن أعين: قلت له: عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟ قال: قل لي في المثالب أو المثاقب.

وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء، وقال ابن معين: ما به بأس.

وحاصل القول فيه: أنه صدوق يهم ويخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا سيما في التشيع، فإنه كان غالياً فيه. ومثل هذا يتوقف عما انفرد به، ويرد ما انفرد به بما فيه تهمة تأييد لمذهبه. وقد تفرد بهذا الحديث كما ذكره الذهبي وكذا الحافظ ابن حجر في مقدمة ((الفتح)).

وفي هذا الحديث تهمة تأييد مذهب غلاة الرافضة في الاتحاد والحلول، وإن لم ينقل مثل ذلك عن خالد، (وقد أسندت إلى هذا الحديث بدع وضلالات تصطك منها المسامع، والله المستعان).

وفي سنده أيضاً، شريك بن عبدالله بن أبي نمر، وحاصل كلامهم فيه أنه صدوق يخطئ. وقال الحافظ في ((الفتح)) بعد أن نقل كلام الذهبي، والكلام في شريك: ((ولكن للحديث طريق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً)) [فتح الباري: 11/ 270]

ثم ذكر الحافظ تلك الطرق، وعامتها ضعاف، إلا أنه ذكر أن الطبراني أخرجه من طريق يعقوب بن مجاهد عن عروة عن عائشة، وأن الطبراني أخرجه عن حذيفة مختصراً، وقال: ((وسنده حسن غريب)).

أقول: أما رواية حذيفة فمع الغرابة، هو مختصر، وكأنه ليس فيه تلك الألفاظ المنكرة. وينبغي النظر في سنده، فإن الحافظ ربما تسامح في التحسين، وكذا ينبغي النظر في سند الطبراني إلى يعقوب بن مجاهد، فأخشى أن يكون فيه وهم، والمشهور رواية عبدالواحد بن ميمون عن عروة، وعبدالواحد متروك الحديث.

وبالجملة، فاقتصار الحافظ على قوله: إن تلك الطرق يدل مجموعها على أن له أصلاً، ظاهر في أنه ليس في شيء منها ما يصلح للحجة، ودلالة مجموعها على أن له أصلاً لا يكفي إثبات هذه الألفاظ المنكرة. ولا يدل إيراد هذه الألفاظ ما يزعم الملحدون، لمَ ذكر هذا الحديث في صحيحه؟ وهذا من المهمات، فإن كثيراً من الأئمة قد يقبل الحديث لأنه يتحمله على معنى له شواهد وعواضد، بمعونتها ليستحق القبول. فيجيء بعض الناس يحتج بالحديث على معنى منكر، قائلاً: قد قبله فلان من الأئمة! فلينتبه لهذا.

ومما ينبغي التنبيه له أيضاً: أن الشيخين أو أحدهما قد بوردان في الصحيح حديثاً ليس بحجة في نفسه، وإنما يوردانه لأنه شاهد لحديث آخر ثابت، ثم قد يكون في هذا الحديث الذي ذكراه شاهداً، زيادة لا شاهد لها. فيجيء من بعدها يحتج به بالنسبة لتلك الزيادة، وربما حمل الحديث على معنى آخر غير المعنى الذي فهمه صاحب الصحيح وبنى عليه أنه شاهد للحديث الآخر.

وبالجملة فمن أراد الاحتجاج بالحديث لا يستغني عن النظر في إسناده، بعد أن يكون له من المعرفة ما يؤهله لهذا الأمر، وإلا أوشك أن يضل أو يضل. والله الموفق

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015