"الحسن المعروف طرقاً" الأصل طرق جمع طريق، "وغدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت"، والحسن المعروف طرقاً وغدت، أولاً: الحسن في مرتبة واقعة بين الصحيح والضعيف، وما كان هذا شأنه يصعب ويعسر تمييزه؛ لأن الإنسان أحياناً يتراءى له أن هذا الطريق إلى الصحيح أقرب، وأحياناً يتراءى له أنه إلى الضعيف أقرب، فيلحقه به، والأول يلحقه بالصحيح، فهذه المنزلة المتوسطة بين الطرفين يصعب تمييزها، وتحقيقها والاتفاق عليها، نعم قد يحكم الإنسان بأنه متأرجح بحيث لا يمكن إلحاقه بالصحيح، ولا يمكن إلحاقه بالضعيف، يأتي عالم يستروح إلى أن إلحاقه بالصحيح له وجه، ويأتي آخر يرى العكس أنه قصر أيضاً عن رتبة التوسط إلى أن يلحق بالضعيف، ولذا صعب تعريف الحديث الحسن، حتى صرح الحافظ الذهبي وغيره أنه لا مطمع في تمييزه، وليس في هذا تضيع ولا تذويب، لا، إنما في هذا حث وشحذ للهمم؛ لأن بعض الناس إذا قال: لا مطمع في تمييزه، ليش نسعى، خلاص، لا، لا، هم يريدون منك أن تعلو همتك، وتكثر من جمع الطرق التي عله يلتحق بها إلى الصحيح ولو لغيره، نعم، اختلف العلماء اختلاف كبير في تعريف الحسن، هنا يقول: "والحسن المعروف طرقاً وغدت" الطرق جمع طريق، وهو يذكر ويؤنث، تقول: من طريق آخر، كما تقول: من طريق أخرى، فالطريق يذكر ويؤنث، "وطرْقاً" سُكن للحاجة، لضرورة الوزن، "طرقاً وغدت" يعني صار "رجاله لا" كرجال "الصحيح اشتهرت" تعريف الحسن الذي اختلف فيه من قبل أهل العلم اختلفوا فيه على أقوال كثيرة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

الحسن المعروف مخرجاً وقد ... اشتهرت رجاله بذاك حد

(حمدٌ).

هذا قريب جداً من تعريف البيقوني.

الحسن المعروف مخرجاً وقد ... اشتهرت رجاله بذاك حد

(حمدٌ) الخطابي.

وقال الترمذي ما سلم ... من الشذوذ مع راوٍ ما اتهمبكذب ولم يكن فرداً ورد ... قلت وقد حسن بعض ما انفردوقيل ما ضعف قريب محتمل ... فيه وما بكل ذا حد حصل

كل هذه الأقوال ما حصل بها حد يميزه عن الصحيح والضعيف.

الحسن المعروف طرقاً وغدت ... رجاله لا كالصحيح اشتهرت

"الحسن المعروف طرقاً" عرفت طرقه، هل عرفوا بضعف وإلا عرفوا بتوثيق؟ إن عرفوا بضعف صار ضعيف، وإن عرفوا بتوثيق صار صحيح، فهو متردد متأرجح بين هذين، إلا أن قوله: "لا كالصحيح اشتهرت" يخرج الصحيح، لكن كونهم معرفون بالقبول لكنهم دون رجال الصحيح، يخرج أيضاً الضعيف، وهذا يبين لنا مدى التأرجح بين الصحيح والضعيف في هذا النوع، ولذا صعب تمييزه عند أهل العلم، "وقال -يعني ابن الصلاح-":

وقال بَانَ لي بإمْعَان النظر ... أن له قسمين كل قد ذكر

يعني الخطابي ذكر قسم، والترمذي ذكر قسم، فالخطابي اقتصر على الحسن لذاته، والترمذي اقتصر على الحسن لغيره، وعلى كل حال المتأخرون استنبطوا تعريفاً جامعاً لكل نوع من نوعي الحسن، من خلال أقوال وتعاريف الأئمة المتقدمين؛ لأنه من خلال تعريف الأئمة المتقدمين يصعب أن تمييز الحسن من غيره، يعني لو كان عندك ثلاثة أولاد، ولد بار غاية في البر، والثاني عاق واضح العقوق، هل يختلف في تصنيف أن هذا ما شاء الله على خير عظيم وهذا على شر؟ نعم، لكن واحد دول يوم كذا، ويوم كذا، هذا إلي تبلش به، نعم إن أردت أن تدعو له ذكرت العقوق وأثر على قلبك، وإن أردت أن تدعو عليه ذكرت ما عنده من خير وفضل، وأحيان ينفع، مشكلة، هذا تصور إيش؟ الحسن الواقع بين هذين، يصعب أحياناً يزيد بره تستطيع أن تلحقه بالأول، وأحياناً ينقص، بحيث لو حصل وصية مثلاً، وصية: بيتي يسكنه البار من أولادي، العاق الذي ما في إشكال في عقوقه هذا لن يسكن، والبار الواضح البر هذا بيسكن، لكن الثالث: هذا الذي يوم كذا، ويوم كذا، ينطبق عليه الوصف وإلا ما ينطبق؟ هذا المتأرجح مثل الحسن عندنا هالحين، مثله، هل نقول: يلغى الحسن؟ نقول: ما يلغى يا أخي، موجود في اصطلاح الأئمة وتعبيراتهم، حكموا على أحاديث بأنها حسنة، فلا يمكن إلغاؤه، والمسألة إيش؟ اجتهادية، فتجدون هذا الحديث الذي حكم عليه بعض الأئمة بأنه حسن، اجتهد بعضهم وقال: صحيح، واستروح إلى هذا، ومال إليه، وقوي عنده من القرائن ما يقتضي ثبوته، بينما يجيء ثالث يقول: لا والله أنه أقل من الحسن، أنا واضح لي ضعفه، ولذا لا يستشكل الإنسان أن يجد في أحكام الأئمة في حديث واحد أن يحكم عليه بأكثر من حكم؛ لأن

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015